الحقوق لا تضيع، لكنها تعرف طريق العودة، وتعرف جيدًا كيف تأخذ بثأرها، قد تمضي الأيام وتظن أنك أفلت، وأن الظلم مرّ مرور الكرام، لكن الحقوق تعرف كيف تقرع الأبواب في الوقت الذي لا تتوقعه، هناك حقوق بشر، وحقوق صهر، وحقوق حُسن جوار، وحقوق عشرة وزمالة ودم، وحقوق إنسان لم تعرفه لكنه عرف أنك ظلمته.
ليست كل الحقوق معلقة بسقف القانون، بعضها معلق برقبة الزمان، وبعضها في عيون من تألموا بصمت، الحقوق لا تصرخ، لكنها تُسمع، ولا تشتكي، لكنها تُدوَّن، فاحذر أن تأخذ ما ليس لك، حتى وإن بدا لك مباحًا أو هينًا أو قابلاً للتبرير، حقوق الغير ليست ملكًا لضميرك، ولا يجوز لك أن تُنصّب نفسك قاضيًا عليها.
حافظوا على حقوق الناس كما تحافظون على كرامتكم، بل أكثر، لا تقتربوا منها، لا تخدشوها، لا تتغافلوا عنها تحت ضغط الحاجة أو تحت سطوة الطمع.
حقوق الجار وصوت الأذان الذي يمر من بيته إلى بيتك، حقوق الصديق حين يسندك ويعتمد عليك، حقوق الأخ حين يصمت ولا يرد الإساءة، حقوق الزميل الذي شاركك الرغيف والتعب، حقوق الميراث الذي كُتب باسم الله، لا باسم الغفلة.
الله قد يسامح في حقه، وقد يغفر، لكنه لا يسامح في حقوق عباده إلا إذا سامحوا هم، فإياكم وحقوق الناس، فإنها ليست كأي ذنب، إنها مظالم لا تسقط بالتقادم، ولا تُغسل بالصلاة، بل تُردّ إلى أصحابها.
لا سلام يُبنى على ظلم، ولا أمان ينمو على أنقاض الحق، من أراد أن يعيش مرتاح الضمير، هادئ القلب، نظيف السجل، فليبدأ برد الحقوق إلى أهلها، أو على الأقل بالكفّ عن مدّ اليد إلى ما لا يملك.
الحقوق ليست شعارات، إنها بوصلتك الأخلاقية، حافظ عليها، تُحفظ لك حياتك.