وليد نجا

الدمج بين الإعلام المهنى والرقمى من ضروريات الأمن القومى

الجمعة، 05 سبتمبر 2025 10:27 م


فى عصر السموات المفتوحة بدون رابط ولا ضابط أصبح على جميع الدول أن يتكامل إعلامها المهنى والرقمى لتحافظ على هويتها الوطنية فالصراعات اختلفت صورها وأشكالها عبر عدة وسائل، وفى عالمنا المعاصر يصبح سلاح الكلمة ذو حدين خاصه ونحن نعيش فى حقبه زمنية يصدق فيها الكاذب ويكذب الصادق، فالكلمة ركيزة أساسية فى الحروب الحديثة أحدهما إيجابى عندما يستدعى الهوية الوطنية وينشر روح العمل والبناء والجانب الآخر سلبى عندما يتحول إلى أداة لتفتيت الوحدة المجتمعية، فالكلمة مضمونها لا يقل خطورة عن الرصاصة وترتيب حروفها يختلف فى معناه فحروف كلمة "الأمل" هى نفس حروف كلمة "الألم" وشتان الفرق فى المعنى رغم تطابق الحروف.


ان مختلف دول العالم بعد ظهور عصر العولمة والتداخل الثقافى والفكرى دون حواجز عبر الفضاء الإلكترونى تعانى من إشكالية الحفاظ على الوعى الجمعى لشعوبها حيال مختلف القضايا، فذلك يتطلب إعلاما وطنيا بمختلف أشكاله يكون جاذبا لمختلف الأجيال وخاصة الشباب وفى نفس الوقت يعبر عن رؤية الدولة ويحقق لها أمنها الوطنى مما يجعل الإعلام الإلكترونى ووسائل التواصل الاجتماعى جزءًا جوهريا فى تشكيل وعى الشعوب، ورفع معنوياتها، ويعول عليه فى بناء حائط صد لحملات التشكيك الدعائية المعادية مما يفرض تحديا على الإعلام المهنى ويفرض مسؤوليات مضاعفة على المسئولين والفاعليين .


فالإعلام المهنى التقليدى (التلفزيون، الصحافة، الإذاعة) هو قوة الدولة الناعمة والمرجع الرئيسى لتقديم الأخبار الدقيقة، ع بر التحقق من مصادرها الصحيحة وتحكم هذا النمط من الإعلام ضوابط صارمة لتحافظ على المصداقية والثقة مع مختلف الفئات وأهم تلك الضوابط عدم الانسياق وراء الشائعات بغرض الحصول على الترند.
وفى المقابل تمثل السوشيال ميديا ساحة مفتوحة قد تنتشر فيها معلومات غير موثوقة بسرعة عبر الحرب النفسية والعمليات النفسية التى تشنها مراكز الأبحاث فى أغلب الدول ضد الدول الصديقة والعدو وضد شعبها لتوضيح مفهوم معين بالنفى والإيجاب .


وهنا يبرز دور الإعلام المهنى التابع للدولة فى تصحيح الرواية، وتفنيد التضليل، وإثبات حضوره كمصدر ثقة.
ومن أهم أدوار الإعلام أثناء الأزمات والحروب هو الحفاظ على اللحمة الداخلية للمجتمع فالإعلام التقليدى يركز على إبراز صور التضامن والتضحيات، بينما تتيح السوشيال ميديا مساحة أكبر للمواطنين كى يشاركوا قصصهم وصمودهم، مما يخلق شعورًا عامًا بالمشاركة الجماعية ويعيب ذلك عدم مصداقيه المصدر فى بعض الأحيان.


إن المشروع الوطنى للدول عبر البناء والتنمية والعدالة الاجتماعية دافع رئيسى للتفاعل الشعبى عبر المنصات الرقمية ويتحول بدوره إلى حافز قوى يرفع من الروح المعنوية.


وقد اختلفت الصراعات بين الدول فلم تعد محصورة فى الصراع العسكرى وتعددت لتشمل بنود جديدة فى الحروب الحديثة تُخاض على جبهات عسكرية وإعلامية ونفسية وقتصادية.. إلخ.


فالعدو يستغل السوشيال ميديا لنشر الشائعات والتشكيك فى القدرات الوطنية.
وهنا يبرز دور الإعلام المهنى على تفنيد هذه الروايات بمنهجية، بينما تتعاون مجموعات متخصصة تمتلك المعلومة الحقيقية مع سرعة البديهة وتقوم برصد المحتوى الرقمى المضلل، وتتعامل معه بسرعة عبر حملات توعية أو عبر المحتوى المضاد.


وهنا تصبح السوشيال ميديا أداة مزدوجة قد تكون وسيلة اختراق، لكنها أيضًا وسيلة فعالة لردع الحملات النفسية إذا استخدمت بمهنية.
وهنا تواجه الفاعلين إحدى الإشكاليات المهنية فى موازنة حرية تدفق المعلومات مع متطلبات الأمن القومى.
فالإعلام التقليدى الإلكترونى والورقى يمتلك ضوابط تحريرية واضحة تضمن عدم تسريب معلومات حساسة.
بينما تحتاج السوشيال ميديا إلى وعى شعبى يحد من نشر تفاصيل قد تستغل عسكريًا.
لذا، تكثف المؤسسات الإعلامية المهنية حملات التوعية الرقمية لتذكير الجمهور بخطورة "النشر غير المسئول".
فالإعلام المهنى من ضمن مهامه أن يتعدى مرحله مجرد نقل الخبر، إذ يقدم ضمن فاعلياته تحليلات تضع الأحداث فى سياقها السياسى والعسكرى والاقتصادى.
أما السوشيال ميديا فتسمح بفتح نقاشات واسعة بين الجمهور والخبراء، لكنها قد تتحول أيضًا إلى ساحة جدل عاطفي. لذلك، يصبح دور الإعلام المهنى هو قيادة النقاش العام نحو الرزانة والتفسير العقلانى للأحداث.


فالإعلام فى زمن الازمات والحرب يصبح مزيجًا من الإعلام التقليدى والإعلام الرقمى التفاعلى.
فتطوير منظومة الإعلام لم يعد ترفا للدول بل محتم عليها الاستعانة بالخبراء والعلماء والمتخصصين فهناك قاعدة متوارثة عبر سيكولوجية الشعوب تعطى مصداقية ومرجعيه للتليفزيون والصحف والإذاعة التابعين للدولة خاصه فى الدول التى تحظى فيها القيادة السياسية بتأييد شعبي.


واجد فى دعوة السيد الرئيس لتطوير الإعلام المصرى عبر الخبراء والمتخصصين تعبيرا صادقا عن ما تقوم به الدول للحفاظ على أمنها القومى ويعطى مصداقيه لما اكتب وأقول.


فجميع دول العالم تعانى من عدم وجود ضوابط فى عالم السوشيال ميديا لسرعة الوصول والتفاعل الشعبي.
فالدمج بين الإعلام التقليدى والإعلام الرقمى ضرورة حتمية للحفاظ على الأمن القومى ويمثل تكاملهما درعا واقيا يحمى الهوية الوطنية شريطه أن يدار التكامل بينهما بمهنية وحكمة عبر المتخصصين، فنتاج ذلك خط دفاع متين يحمى الجبهة الداخلية، ويفضح الدعاية المعادية، ويزرع الوعى والثقة فى نفوس الناس، فى أصعب الظروف.


 




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب