توصل باحثون بجامعة فيينا، وجامعة نانكاي الصين، لاختبار دم يمكنه قياس علامات الشيخوخة الداخلية بالجسم، عن طريق دمج علم الأيض المتقدم مع أحدث تقنيات الذكاء الإصطناعى.
وبحسب موقع "Medical xpress"، نقلا عن مجلة Systems Biology and Applications ، أنه من المعروف أن ممارسة الرياضة تحمي الحركة وتقلل من خطر الإصابة بالأمراض المزمنة، إلا أن العمليات الجزيئية الدقيقة التي تترجم النشاط البدني إلى شيخوخة صحية لا تزال غير مفهومة جيدًا، لذلك شرع الباحثون في الإجابة على سؤال، هل يمكننا رؤية فوائد نمط الحياة النشط لدى كبار السن مباشرةً في الدم، وتحديد الجزيئات الأكثر أهمية؟
تفاصيل الدراسة
قام الباحثون أولاً بتوليف "مؤشر نشاط الجسم" (BAI) واحد بتطبيق تحليل الارتباط القياسي على نتائج اختبارات مسافة المشي، واختبارات النهوض من الكرسي، وقوة قبضة اليد، وتقييمات التوازن، حيث يقيس هذا المقياس المركب للأداء البدني القدرة على التحمل والقوة والتنسيق في مقياس واحد قوي.
بشكل مستقل، تم استخلاص "مؤشر الأيض" من تركيزات الدم لـ 35 مُسْتَقْلِبًا جزيئيًا صغيرًا، في 263 عينة من كبار السن ، أظهر هذان المؤشران أن البصمة الجزيئية في الدم تعكس المقياس المركب للياقة البدنية.
ولالتقاط أنماط معقدة وغير خطية، درب الباحثون خمسة نماذج مختلفة للتعلم الآلي "الذكاء الاصطناعى" بدءًا من الأساليب الإحصائية البسيطة، تم ضبط كل نموذج من خلال عمليات تحقق متبادلة متكررة (التحقق المتبادل المزدوج) واختباره على بيانات مستقلة لضمان أداء قوي.
نتائج الدراسة
حققت طريقتا التعزيز دقة عالية، حيث ميزتا المشاركين "النشطين" من "الأقل نشاطًا" في أكثر من 91% من المشاركين، وبرزت ثمانية مستقلبات باستمرار كمؤشرات لمستوى النشاط وهى "الأسبارتات، والبرولين، والفركتوز، وحمض الماليك، والبيروفات، والفالين، والسترات، والأورنيثين" من بينها برز الأسبارتات بفارق يتراوح بين اثنين وثلاثة أضعاف، مما يؤكد دوره المحوري كمؤشر جزيئي للشيخوخة النشطة.
واستخدم الفريق أداة COVRECON، لتحديد الروابط الأنزيمية الأكثر تغيرًا بين المجموعات النشطة والأقل نشاطًا، وكشف هذا التحليل عن إنزيمين معروفين، هما إنزيم ناقلة أمين الأسبارتات ( AST ) وإنزيم ناقلة أمين الألانين ( ALT )، كلاهما علامتان قياسيتان في فحوصات الكبد السريرية ، ولكنهما ظهرا هنا كمؤشرات على كيفية تأثير النشاط على عملية الأيض.
والأهم من ذلك، أن فحوصات الدم الروتينية أكدت هذه التوقعات، فخلال فترة الدراسة التي استمرت ستة أشهر، تذبذبت مستويات إنزيمي ناقلة أمين الأسبارتات (AST) وناقلة أمين الألانين (ALT) بشكل أكبر لدى المشاركين النشطين مقارنةً بنظرائهم الأقل نشاطًا، مما يشير إلى مرونة أيضية أكبر في وظائف الكبد والعضلات.
الآثار المترتبة على صحة الدماغ والخرف
الأسبارتات أكثر من مجرد وسيط أيضي بسيط، فهو في الدماغ يُمهد الطريق للناقلات العصبية، مُفعّلاً مستقبلات NMDA الضرورية للتعلم والذاكرة، ويُتيح هذا الدور المزدوج رابطًا محتملًا بين اللياقة البدنية والصحة الإدراكية.
بإثبات أن النشاط البدني يُحدث تغييرات ديناميكية في أيض الاسبارتات، تُشير هذه الدراسة إلى وجود رابط جزيئي بين صحة العضلات والكبد ومرونة الدماغ. تُشير هذه النتائج إلى رسالة بسيطة: يُساعد النشاط البدني في الحفاظ على القوة والقدرة على الحركة، وقد يُسهم أيضًا في حماية الدماغ من الخرف من خلال تحولات قابلة للقياس في مسارات الإشارات القائمة على الأحماض الأمينية.
ولا يقتصر النشاط البدني على بناء كتلة العضلات فحسب، بل يعيد تنظيم عملية الأيض لدينا على المستوى الجزيئي، ومن خلال فك رموز هذه التغييرات، يُمكننا تتبع وتوجيه مدى تقدم الشخص في السن.