محمود عبدالراضى

حين يسقط القناع

الإثنين، 29 سبتمبر 2025 10:40 ص


من آنٍ لآخر، يحدث أن نصطدم بوجهٍ لم نكن نتصوره، صديق، قريب، أو شخصٌ عرفناه يومًا بصورة مثالية، فإذا به يتحوّل، وإذا بالدهشة تسبق الكلمات، ونتساءل في دهشة: كيف تغيّر؟ كيف تساقط منه هذا القناع؟

لكن ما يلبث السؤال أن يرتدّ إلى داخلنا: أكان هكذا منذ البداية؟ أكنت أنا المخدوع، الأعمى أمام الإشارات؟ هل أخفَت عاطفتي عني ملامحه الحقيقية؟

إنها لحظة صدق مؤلمة، حين ندرك أننا منحنا قلوبنا لأشخاص لم يكونوا يومًا أهلًا لها، لحظة انكشاف لا تحدث فجأة، بل تتسلل بهدوء، حتى تضعنا في مواجهة الحقيقة، تلك التي لطالما تهرّبنا منها.

لذلك، ربما يجب أن نكون أكثر وعيًا، أكثر حذرًا، لا بمعنى أن نعيش في شك دائم، بل أن نتقن قراءة التفاصيل الصغيرة، أن ننتبه لطريقة التعامل، لصدق النية، لنقاء القلب.

فهناك من يتقن فنّ التمثيل، يظهر المحبة بينما قلبه لا يرى إلا المصلحة، يبتسم بوجهك وهو يعدّ خطواته للابتعاد عنك متى انتهت مصلحته.

كم من الوجوه تبدو رحيمة، لكنها تخفي جفاءً مؤذياً، كم من القلوب تتظاهر بالعطاء وهي في الحقيقة لا تعرف سوى الأخذ.

خلف الكلمات اللطيفة أحيانًا، يسكن طمعٌ مقنّع، وخلف التصرفات المهذبة، قد يختبئ شخصٌ لا يعرف للوفاء طريقًا.

إن العلاقات الإنسانية لا تقوم على العطاء المشروط، ولا على الأقنعة، بل على الصفاء، الصدق، والوضوح، على محبة لا تحتاج إلى تبرير، وعلى إخلاص لا ينتظر مقابلاً.

لا بأس أن نخدع مرة، لكن الأهم أن نتعلم، لا بأس أن نمنح الثقة، لكن الأفضل أن نمنحها لمن يستحق، ففي زمنٍ امتلأ بالضجيج، لا نحتاج إلى عدد أكبر من الناس، بل إلى قلوب أقل، صادقة أكثر.


 




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب