التآكل الناعم لإسرائيل

يتساءل الكثيرون حول أهمية الاعترافات المتتالية للدول الكبرى بدولة فلسطين، خاصة دول مثل فرنسا وبريطانيا وأستراليا، وكلها دول ذات شأن في القضية الفلسطينية، لا سيما بريطانيا وفرنسا، فهما أصحاب اتفاقية سايكس–بيكو، وهما من منحا الوعود لليهود بإقامة دولة لهم في فلسطين، واشتهر وعد بلفور البريطاني، ولذلك يطرح السؤال: ما أهمية هذه القرارات بالنسبة لدولة فلسطين المحتلة؟، والحقيقة أن تلك الاعترافات تمثل، مع غيرها من إجراءات مثل انسحاب الوفود أمام كلمة نتنياهو في الأمم المتحدة، وقرارات محكمتي العدل والجنائية الدوليتين، وكذلك الانتفاضة العظمى للمؤسسات الأممية أمام كل ما يفعله جيش الاحتلال، مظاهر تندرج جميعها في خانة “التآكل الناعم” لإسرائيل.

تلك الإجراءات تُفتّت إسرائيل سياسيًا ودبلوماسيًا، وتجعلها دولة “مارقة” أمام العالم، أو كما قال نتنياهو إن ألمانيا أبلغتهم بأن إسرائيل تقوم بـ”العمل القذر” بدلًا من العالم، وهو اعتراف ضمني يوضح مدى الدناءة التي وصل إليها نتنياهو، وينبئ بنهايته المنتظرة، فلن يكون سوى مجرم حرب مطاردًا في كل دول العالم، ولن يستطيع هو أو أسرته، وزوجته سارة، التخفّي، حتى لو استطاعت أن تضع “فلترًا” على شكلها كما تضعه على صورها في مواقع التواصل الاجتماعي.

فقد ساهمت تلك الأسرة، بكل ما فيها، في تفتيت إسرائيل نفسها، قبل أن يساهموا في نشر اسم فلسطين وأبعاد القضية الفلسطينية حول العالم، إلى درجة جعلت الإسرائيليين يقولون إن الأمم المتحدة ناقشت القضية الفلسطينية أكثر من أي قضية أخرى في أروقته، وكلها خطوات ساعد نتنياهو، من حيث لا يدري، في توسيع انتشارها بما يفعله جيش الاحتلال يوميًا في قطاع غزة.

لقد ساهم نتنياهو، عن جهل، في تسليط الضوء على القضية الفلسطينية، وخرجت بسبب أفعاله آلاف المظاهرات المؤيدة لفلسطين، وجعلت سياساته دولًا تقف ضد إسرائيل، منها فرنسا وبريطانيا وإسبانيا وأستراليا وكندا، وكثير من الدول التي استفاقت على جرائم الاحتلال وما يقوم به مجرم الحرب نتنياهو يوميًا ضد القطاع والضفة، وضرباته المتتالية ضد اليمن ولبنان، وكذلك تهديداته وضرباته ضد إيران والعراق وسوريا التي يرغب في تركيعها كليًا لصالحه.

كلها أسباب ستساهم في “التآكل الناعم” لإسرائيل، حتى تحين لحظة المواجهة الخشنة، أو الحرب العظمى، وفي ذلك يمكننا أن نكتب مقالا آخر.

Z.elkady@youm7.com