فى واحدة من أكبر عمليات رد الأسهم فى تاريخ البورصة المصرية، فتح رجل الأعمال شامل أبو الفضل، الرئيس التنفيذى والعضو المنتدب لشركة بنيان للتنمية والتجارة، خزائنه لإعادة أكثر من 300 مليون جنيه إلى المساهمين الذين شاركوا فى اكتتاب طرح الشركة بالبورصة، بعدما قام بشراء 68.2 مليون سهم عبر آلية استقرار سعر السهم، فى خطوة تعد الأكبر من نوعها سواء من حيث قيمة الأموال أو عدد الأسهم المعاد طرحها فى السوق.
فرغم أن طرح "بنيان" شهد تغطية ضخمة عند تنفيذه يوم 20 يوليو، حيث تم توزيع 344.8 مليون سهم فى الطرح الخاص بمعدل تغطية 6.88 مرة لصالح 561 عميلًا عبر 18 شركة سمسرة، و18.1 مليون سهم فى الطرح العام بمعدل تغطية 33.7 مرة لصالح 15,824 عميلًا عبر 94 شركة سمسرة، ليصل إجمالى الكمية المخصصة إلى 362.9 مليون سهم بعدد عملاء بلغ 16,385 وبقيمة إجمالية بلغت 1.8 مليار جنيه، إلا أن الصورة سرعان ما تبدلت مع بدء تداول السهم.
فمنذ لحظة الإدراج، تكبد المستثمرون خسائر قاسية، حيث هبط سهم "بنيان" من سعر الطرح البالغ 4.96 جنيه إلى نحو 3.68 جنيه خلال شهرين فقط، متجاوزًا فى بعض الجلسات أدنى مستوى للسعر، ما دفع العديد من المستثمرين إلى تقديم طلبات رد الأسهم بشكل يفوق التوقعات، إذ سجل الطرح العام طلبات رد بنحو 13.837 مليون سهم أى ما يعادل 76.26% من إجمالى الأسهم المطروحة، فيما بلغ إجمالى أوامر البيع فى الطرح الخاص 185.107 مليون سهم، أي ما يعادل 45.86% من إجمالى الأسهم المطروحة فى هذه الشريحة.
يأتى هذا رغم الزخم الكبير الذي شهده الاكتتاب، إذ سجلت الطلبات ما يقرب من 2.37 مليار سهم بمشاركة 604 عميلًا عبر 32 شركة سمسرة، منها 611.65 مليون سهم في شريحة الطرح العام وحدها، فإن الأداء الفعلى للسهم فى السوق خالف التوقعات.
تفسيرات الهبوط تباينت بين عدم قدرة الشركة مديرة الطرح على توفير طلبات قوية للسهم بعد إدراجه، وغياب دور "صانع السوق"، إضافة إلى إعلان الشركة عن أول قوائم مالية بعد الطرح والتى أظهرت تراجع الأرباح بنسبة 26% رغم زيادة الإيرادات من الإيجارات، فى المقابل، يرى بعض المحللين أن السعر المبدئى للسهم لم يكن جاذبًا بما يكفى، بينما يؤكد ملاك الشركة أنه كان "مغريًا" مقارنة بالقيمة العادلة.
فى هذا الصدد قال شامل أبو الفضل، الرئيس التنفيذي لشركة بنيان للتنمية والتجارة، إن حركة سهم الشركة في البورصة المصرية تخضع لعوامل متعددة في مقدمتها أوضاع السوق والسيولة المتاحة وسلوكيات المستثمرين قصيري الأجل، موضحًا أن التراجع الحالي في سعر السهم لا يعبر بأي حال من الأحوال عن الأداء التشغيلى للشركة ولا عن خططها الاستثمارية، التي تسير وفق ما هو معلن وبثبات على المدى الطويل.
وأضاف "أبو الفضل"، فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أن شركة بنيان تمثل نموذج عمل جديدًا فى السوق المحلية، وأن القيمة الحقيقية للشركة ستتضح تدريجيًا مع ازدياد وعى المستثمرين بطبيعة نشاطها، لاسيما أن السهم يتداول حاليًا بخصم كبير عن قيمته العادلة، متابعًا أن إدراج شركات وصناديق استثمارية جديدة ذات نماذج عمل مشابهة فى البورصة المصرية من شأنه أن يعزز المقارنة الإيجابية ويبرز قوة أداء بنيان بشكل أكبر.
وأكد الرئيس التنفيذي لشركة بنيان، أن إعادة جزء محدود من الأموال من خلال صندوق استقرار سعر السهم جاء بهدف تعزيز ثقة المكتتبين فى الطرح، وهو ما يعكس في الوقت نفسه ثقة المساهمين البائعين فى استراتيجية الشركة، لافتًا إلى أن هذه الخطوة لا تمثل أي تأثير سلبى على خطط بنيان الاستثمارية التي وُضعت بعناية، ولا على مواردها أو استراتيجيتها طويلة الأجل، مشيرًا إلى أن الزيادة الأخيرة فى رأس المال بقيمة 250 مليون جنيه، والمذكورة فى نشرة الطرح، لم تتأثر إطلاقًا بعمليات صندوق الاستقرار.
كما أكد أنه لا توجد أى نية لشطب الشركة من البورصة، فالطرح جاء لتعزيز الشفافية ودعم خطط التوسع ونركز على تعظيم قيمة الشركة، وتنفيذ خططنا الاستراتيجية بما يحقق أكبر عوائد كلية لمساهمينا.
وفيما يتعلق بتأثير انخفاض سعر السهم على المؤسسات العربية الكبرى المشاركة فى الاكتتاب الخاص، قال "أبو الفضل"، إن هذه المؤسسات تتمتع برؤية استثمارية طويلة الأجل ولا تؤثر تقلبات الأسعار قصيرة المدى على قراراتها أو التزامها تجاه الشركة، مضيفًا أن التحركات التى شهدتها الفترة الماضية اقتصرت على عمليات محدودة مرتبطة بصندوق الاستقرار، ولم تؤثر بأى شكل على استمرارية مشاركة هذه المؤسسات الكبرى، مؤكدًا استمرار الشراكات الاستراتيجية معها لتحقيق أهداف الشركة المستقبلية.