محمود عبدالراضى

جسور لا تُهدم

الجمعة، 26 سبتمبر 2025 11:15 ص


في زمن تتقاطع فيه السرعة مع التباعد، ويعلو فيه صوت المصالح على نغمة المشاعر، تبقى العلاقات الإنسانية الحقيقية مثل الجسور القديمة، كلما مرّ عليها الزمن زادت متانتها.

العلاقة القوية لا تُبنى بكثرة اللقاءات ولا بالمجاملات اللفظية، بل تُزرع في أرض الصدق، وتسقى بماء الاحترام، وتزهر حين يكون العطاء فيها فطرة لا مناسبة، حيث يغيب التصنّع، يحضر الثبات، وحيث يسبق العطاء السؤال، تُفتح القلوب قبل أن تُطرق الأبواب.

الصدق ليس مجرد صفة، بل هو أساس.. أساس يجعل الكلمات أثقل وزنًا والمعاني أعمق حضورًا، هو الجذر الذي يشد العلاقة إلى الأرض، فلا تهزّها ريح الظروف ولا تسقطها أمطار الخلاف.

ثم يأتي الإصغاء، لا مجرد الاستماع، الإصغاء العميق هو من يمنح العلاقة عمقًا، ويصنع من الصمت حوارًا، ومن الانتباه دليل محبة لا يُقال بل يُحَس.

أما الاحترام، فهو السياج الذي يحفظ العلاقة من الانزلاق، ويمنعها من أن تُدهس تحت أقدام الغضب أو تُكسر على صخور الكبرياء، هو صمام الأمان حين تشتد العواصف.

ولا تكتمل الصورة دون تواضع، فالبساطة في السلوك تُقرّب، وتُحبّب، وتجعل كل لقاء خفيفًا على الروح، والاستمرارية الهادئة، لا الجلبة ولا الغياب، هي التي تضمن بقاء الخيط مشدودًا دون أن ينقطع.

المشاركة الصادقة، في فرح أو حزن، لا تطلب مجهودًا، بل نية، حين نشعر بغيرنا بصدق، نزرع بيننا وبينهم جذورًا خفية لا تُرى، لكنها تُثمر مودة.

هكذا، تنشأ العلاقات كشبكة أمان حولنا، لا تخنقنا، بل تحمينا، لا تستهلكنا، بل تمنحنا، علاقات طبيعية، صادقة، وفاعلة، لا تبهت مع الوقت، بل تنضج.

 




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب