في لحظات كثيرة من حياتنا نقف أمام مفترق طرق، لا لشيء سوى أننا قررنا أن نكون أنفسنا، لا أكثر، في زمن تسير فيه الأغلبية نحو اتجاه واحد، تبدو فكرة أن تخالف التيار ضربًا من الجنون، أن تمضي عكس الجميع، أن تقول "لا" حين يقول الجميع "نعم"، أن تتخذ طريقًا وحيدًا لا يعرفه أحد، فقط لأنك تشعر في داخلك أنه الطريق الصحيح، كم هو صعب أن تبقى مخلصًا لنفسك حين يبدو أن العالم كله يختار عكس ما تؤمن به.
لكن الحقيقة الثابتة أن الطريق إلى الذات لا تُعبّده الجموع، بل يُشقّ وحيدًا، لا شيء يدعو للخجل حين تكون وحدك ما دمت لا تخون قلبك، أن تمضي وحدك لا يعني أنك على خطأ، بل يعني ببساطة أنك تملك شجاعة لا يملكها الآخرون.
في زمن التنازلات، تصبح الحقيقة عملة نادرة، وتغدو الأصالة تهمة، ومع ذلك، تبقى أنت، كما أنت، بلا أقنعة، ولا تنازلات، ولا محاولة للتجمُّل من أجل التصفيق.
كم من مرة تخليت عن نفسك فقط لتشعر بالقبول؟ كم من مرة قلت "نعم" وأنت تتمنى لو صرخت "لا"؟ كم من مرة أخفيت حزنك كي لا تبدو مختلفًا؟ ليس من البطولة أن ترضي الجميع، بل البطولة الحقيقية أن ترضى عن نفسك أولًا، حتى لو كلفك ذلك العزلة، فالوحدة التي تولد من الصدق أنقى كثيرًا من الصحبة التي تبنى على التزلف والمجاملات.
ربما تبدو الخطوة الأولى مرعبة، وربما يمتلئ الطريق بالظلال، لكن شيئًا ما في داخلك سيضيء لك الدرب، إن اخترت ذاتك، فلن تكون وحدك، لأنك ستصطحب قلبك وروحك معك، والإنسان حين يمشي مع نفسه لا يضل الطريق أبدًا.
فلا تتردد، وإن رأيت الجميع يمضي في اتجاه، امشِ عكسه إن كنت تؤمن أن الطريق الآخر هو الحق، حتى لو أصبحت وحيدًا، لأن خسارة الجميع أهون من أن تخسر نفسك.