سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 24 سبتمبر 1956.. سبتمبر 1956 ..عبدالناصر يجتمع مع الملك سعود والأمير فيصل فى «القصر الأحمر» بالرياض ويطالبهما بأن تكون جلسة مكاشفة تتحدث فيها القلوب

الأربعاء، 24 سبتمبر 2025 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 24 سبتمبر 1956.. سبتمبر 1956 ..عبدالناصر يجتمع مع الملك سعود والأمير فيصل فى «القصر الأحمر» بالرياض ويطالبهما بأن تكون جلسة مكاشفة تتحدث فيها القلوب جمال عبد الناصر

كانت بريطانيا وفرنسا تحشدان المجتمع الدولى ضد مصر، بسبب قرار تأميم شركة قناة السويس يوم 26 يوليو 1956، وكان جمال عبدالناصر يحاول تدعيم الجبهة المؤيدة لقرار التأميم، واهتم بموقف السعودية خصوصا لأنه «كان يرى المحاولات الأمريكية للوقيعة بين البلدين ويتحسب لها»، حسبما يذكر الكاتب الصحفى محمد حسنين هيكل فى كتابه «ملفات السويس».

أعلن الملك سعود تأييده لمصر فى قرار التأميم، وتبادل الرسائل مع عبدالناصر مع بدء التهديدات المسلحة ضد مصر، يعرض فيها وساطته مع أمريكا، ويؤكد «هيكل» أن عبدالناصر كان يريد السعودية حليفا لا وسيطا، فكتب إلى الملك سعود يقترح عليه ضرورة اجتماعهما، وسافر إلى الدمام لهذا الغرض يوم 22 سبتمبر 1956.

يكشف «هيكل» أن اختيار«الدمام» لم يكن صدفة، وإنما يعود إلى أنها بعيدة عن المدن الكبرى فى السعودية كجدة أو الرياض، حتى لا تتحول زيارة «عبدالناصر» إلى مظاهرة جماهيرية كبرى فى مناخ الحماسة والتعبئة المسيطر على العالم العربى كله، وعقد أول اجتماع بين الاثنين فى حضور الأمير فيصل وعدد من الأمراء السعوديين، وفى حضور الوفد المصرى، واستمر أكثر من ثلاث ساعات، جرى فيها استعراض الأزمة برمتها.

شهدت الزيارة إثارة غير متوقعة، حسب «هيكل»: «تحول وصول عبد الناصر إلى الدمام رغم كل شىء إلى مظاهرة جماهيرية لم تشهد لها السعودية مثيلا، فقد زحفت جماهير غفيرة من كل أرجاء المملكة كما توجهت قبائل بقضها وقضيضها إلى «الدمام» للترحيب برجل أصبح رمزا لنضال أمة بأسرها، وأحس «عبدالناصر» بالحرج فقد وقعت مشاهد يمكن أن تؤدى إلى حساسيات إنسانية لا سبيل إلى دفعها، ففى لحظة من اللحظات كان على الملك «سعود» وولى عهده الأمير «فيصل» أن يشتركا مع الحرس المدنى بأيديهما فى صد الجماهير، التى كانت تندفع كالسيل تريد أن تلمس جمال عبدالناصر شخصيا».

انتقل جمال عبد الناصر من «الدمام» إلى «الرياض»، وحضر الرئيس السورى شكرى القوتلى، فأصبحت القمة ثلاثية «مصرية سعودية سورية» واختتمت فعالياتها يوم 24 سبتمبر، مثل هذا اليوم، 1956، وشهد «القصر الأحمر» فى الرياض محادثات ثنائية بين «عبدالناصر» و«سعود»، باقتراح من «عبدالناصر» الذى اشترط ألا يحضرها أحد غير الأمير فيصل، ويذكر «هيكل»: «قال عبدالناصر إنه يريدها جلسة مكاشفة تتحدث فيها القلوب»، ويضيف: «استطاع جمال عبدالناصر أن يفهم بطريق غير مباشر أحيانا، وبالاستنتاج أحيانا أخرى، أن الملك لديه أسباب لخصها جمال عبدالناصر فى خمسة نقاط هى:
1 - أن الملك «سعود» عاتب، لأنه فوجئ بقرار تأميم شركة قناة السويس، وكان من حقه أن يعرف مسبقا قبل إعلان القرار كأخ وصديق.
2 - الملك متخوف من أن يكون اللجوء إلى التأميم خطر بعد تجربة «مصدق» رئيس وزراء إيران، الذى أعلن تأميم البترول وسقط بانقلاب ضده، وهذا الخطر لا يقتصر على مصر وحدها، لأن ما يصيبها، لا سمح الله، يصيب الجميع.

3 - الملك قلق من أن تأميم قناة السويس قد يطرح فى أذهان الناس فكرة تأميم البترول العربى، وهذا فوق طاقتنا.
4 - الملك يشعر أن عملية التأميم وما صاحبها من التعبئة النفسية فى العالم العربى، قد خلقت جوا مشحونا لدى «العامة» و«البسطاء» من الناس، وهذا مصدر خطر.

5 - الملك يشعر أن الحملة النفسية التى صاحبت التأميم اقتضت تركيز الهجوم على حلف بغداد، وبالتركيز على حلف بغداد، فإن الحملة ضغطت بشدة على دور الملوك الهاشميين، ثم إن الكلام على الملوك الهاشميين تجاوز حده فى بعض الأحيان، فوصل رذاذه إلى الملوك جميعا بدون استثناء أو تمييز، و«سيادة الأخ يرى أن نظام الحكم فى السعودية ملكى، وأى حملة عامة على الملوك تسىء إليه».

كيف كان رد فعل «عبدالناصر» على استخلاصات الملك سعود؟ يجيب «هيكل»: كان أول تعليق لـ«جمال عبدالناصر» أنه أبدى سعادته لأن الملك فتح قلبه بإخلاص كما ينبغى أن يفعل الشقيق مع شقيقه، ثم راح يرد على مخاوف الملك وشكوكه واحدة بعد واحدة، لافتا النظر إلى أنه يعرف أن الهدف الثابت للولايات المتحدة الأمريكية هو الوقيعة بين مصر والسعودية وبينه وبين الملك سعود شخصيا، وأنه يعرف مع الأسف، أن هناك بعض الجهات فى السعودية لها مصالح مع الولايات المتحدة، وأنها تستمع كثيرا إلى رجال من أمثال «تيرى ديوس» رئيس مجلس إدارة شركة «أرامكو»، التى تحتكر البترول السعودى، ومن أمثال «كيرميت روزفلت» الذى تعرفه مصر جيدا.

ثم اقترح ضرورة إيجاد تنسيق أكبر بينه وبين الملك وضرورة التشاور المبكر فى كل الأمور، ومصارحة مستمرة تكشف محاولات الوقيعة بين البلدين.




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب