على عبد الرحمن

الشرطة المدرسية.. بين الانضباط والتسلط

الثلاثاء، 23 سبتمبر 2025 11:47 ص


فى سبعينيات القرن الماضي، كان علماء النفس فى العالم يترقبون نتائج تجربة بحثية مهمة، يجريها عالم النفس الشهير فيليب زيمباردو، فى كلية علم النفس بجامعة ستانفورد البحثية فى كاليفورنيا، أٌطلق عليها اسم "تجربة سجن ستانفورد"، كان الهدف منها دراسة الآثار النفسية على سلوك الأفراد فى السجون.

اختار فيليب، مجموعة من الطلاب، وتم تقسيمهم إلى مجموعتين "سُجناء وسجانين"، وترك لمجموعة السجانين حرية اختيار ما يرونه مناسبًا من أدوات وملابس تساعدهم على أداء مهاهم فى "السجن" أو الغرفة التى كانت محددة لغرض البحث، وحدد وقت قياسى للتجربة تستمر فيه 15 يومًا، لكن فجأة قرر فيليب وقف التجربة فورًا بعد أقل من نصف المدة التى كانت مقررة، بسبب نتائج لم تكن متوقعة.

لاحظ فيليب، تقمص الطلاب "السجانين"، أدوارهم وكأنهم قضوا سنوات تدريب على أساليب الإصلاح والتهذيب والتعذيب، فقد أذاقوا أقرانهم ممن يؤدون دور السجناء ألوانا من العذاب، وفرض السيطرة عليهم وعلى تصرفاتهم سواء فى النوم أو حتى تناول الطعام و"ارتداء الملابس"، فأصيب الطلاب "السجناء"، باضطرابات نفسية كبيرة.

أكدت التجربة، التى شكك بها فيما بعد علماء كٌثر، أن البيئة المحيطة والسٌلطة غير المقيدة، قد تدفع الأفراد لارتكاب أفعال عنيفة وغير أخلاقية، وتٌظهر أسوأ ما فيهم.

تذكرت هذه التجربة التى تحولت إلى فيلم سينمائي، وأنا أٌتابع الأيام الأولى من العام الدراسى الجديد، والمشاهد اللافتة والمثيرة للشفقة والغبطة، مما يتركبه طلاب تجاه زملائهم فى المدرسة، لا لشيء سوى أنه وقع عليهم الاختيار ليكونوا ضمن أفراد الشرطة المدرسية، لا أتصور كأب أن أرى ابنى يٌعنّف من زميله فى المدرسة بسبب أنه يسير فى فناء المدرسة فى اتجاهه للفصل الدراسى أو إلى أى وجهة داخل المدرسة.

أتساءل: لماذا يتم منح كل هذه السلطات لطلاب على زملائهم، وهل تساهم الشرطة المدرسية فى ضبط العملية التعليمية؟.. وهل يتم تدريبهم لتعريفهم بحدود أدوارهم؟.

هل يتم مراقبة أداء أفراد الشرطة المدرسية، للتأكد من عدم إصابتهم بالغرور والتعالى غير المبرر أو التنمر على زملائهم؟.. لماذا لا يكون هناك مشرفون من المعلمين بدلا من الشرطة المدرسية، حتى لا يٌصاب الطلاب باضطرابات وأمراض نفسية، تؤثر عليهم مستقبلاً، أو على الأقل إذا كان هناك إصرارًا على وجود الشرطة المدرسية من الطلاب، توعيتهم بحدود أدوارهم وعدم تجاوزها، وتدريبهم على أساليب التعامل مع مشكلات الزملاء، والقدرة على التحكم الانفعالي.




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب



الرجوع الى أعلى الصفحة