السم أم السرطان.. بابلو نيرودا بين أسطورة الحياة ودراما الرحيل

الثلاثاء، 23 سبتمبر 2025 08:00 م
السم أم السرطان.. بابلو نيرودا بين أسطورة الحياة ودراما الرحيل بابلو نيرودا

محمد عبد الرحمن

تمرّ اليوم، 23 سبتمبر، ذكرى رحيل الشاعر التشيلي العالمي بابلو نيرودا، الذي غاب عن عالمنا في مثل هذا اليوم عام 1973، تاركًا إرثًا شعريًا وإنسانيًا جعل الكاتب الكولومبي الكبير جابرييل جارثيا ماركيز، الحاصل على نوبل للآداب، يصفه بأنه "أفضل شعراء القرن العشرين في جميع لغات العالم".

وُلد بابلو نيرودا في 12 يوليو 1904، وبدأ كتابة قصائده في العشرين من عمره، لتنشر لأول مرة في تشيلي ثم تنتقل إلى العالم بأسره، حتى صار من أبرز شعراء القرن العشرين في أمريكا اللاتينية والعالم. ومن أشهر أعماله ديوانه الخالد عشرون قصيدة حب وأغنية يائسة، الذي تُرجم إلى عدة لغات بينها العربية، كما كتب سيرته الذاتية بعنوان أشهد أنني قد عشت التي نُقلت إلى العربية منذ سبعينيات القرن الماضي.

نيرودا، لم يكن شاعرًا فحسب، بل كان ناشطًا سياسيًا بارزًا، وعضوًا فى مجلس الشيوخ واللجنة المركزية للحزب الشيوعى فى تشيلي، حتى طُرح اسمه كمرشح محتمل لرئاسة البلاد، وفي عام 1971، حصد جائزة نوبل في الآداب تقديرًا لشعره "الممزوج بالقوة العنصرية وأحلام ومصائر البشر الحية"، وفق ما أعلنه موقع الجائزة الرسمي، كما نال الدكتوراه الفخرية من جامعة أوكسفورد، ووصفه الناقد هارولد بلوم بأنه شاعر "سبق عصره ولا يمكن مقارنته بأي من شعراء الغرب".

دراما الرحيل

لكن رحيل نيرودا لم يكن نهاية هادئة لحياة حافلة، إذ أثار موته جدلًا واسعًا استمر لعقود. فبينما ذكرت شهادة وفاته الرسمية أنه توفي بسرطان البروستاتا داخل إحدى مصحات سانتياجو بعد 12 يومًا من الانقلاب العسكري الذي قاده الجنرال أوجوستو بينوشيه في 11 سبتمبر 1973 بدعم من الإدارة الأمريكية للإطاحة بالرئيس الاشتراكى سلفادور أليندى، ظهرت شهادات لاحقة تشكك فى ذلك.

سائقه الخاص، مانويل آرايا، أكّد أن "نيرودا" كان بصحة جيدة ويستعد للذهاب إلى المنفى في المكسيك، لكن في اليوم السابق لوفاته تعرض لحقنة مشبوهة في بطنه. وقال إن الشرطة اعتقلته بينما كان يحاول شراء دواء للشاعر، وإنه في لحظة اعتقاله كان نيرودا لا يزال على قيد الحياة، ما جعله يعتقد بوجود مؤامرة.

وفي عام 2015، كشف فريق من الخبراء الدوليين أنه عثر على بكتيريا في بقايا جثمان نيرودا لا علاقة لها بمرض السرطان، ما عزز فرضية تعرضه للتسمم. وفي 2017، أعلن الناطق الرسمي للفريق، آوريليو لونا، أن التحقيقات أثبتت وجود مادة سامة في جسده، لكنه أوضح أن تحديد الجهة المسؤولة يتطلب المزيد من التحليلات. القاضي المكلف بالتحقيق، ماريو كاروزا، أكد بدوره أن "الأدلة باتت تشير بوضوح إلى احتمال تدخل طرف ثالث".

وبينما لم يُحسم الجدل حتى اليوم، يرى كثيرون أن رحيل نيرودا، صديق الرئيس الراحل أليندي، كان جزءًا من مشهد دموي أعقب الانقلاب العسكري في تشيلي، وأن الحقيقة الكاملة حول وفاته ما زالت تنتظر كشف الغطاء عنها، ليبقى موته، مثل شعره، مفتوحًا على احتمالات الحياة والمأساة معًا.




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب


الموضوعات المتعلقة


الرجوع الى أعلى الصفحة