للمرة الثانية منذ مشروع قانون التجارب السريرية بالعام 2018، وربما الرابعة طوال التجربة البرلمانية وإرث الممارسة التشريعية فى مصر؛ بالنظر إلى حالتين سابقتين فى فترة الرئيس السادات؛ وذلك مع فارق التركيبة والتوازنات السياسية وطبيعة الحُكم بين الزمنين.
توقّف «الإجراءات الجنائية» فى المرحلة الأخيرة قبل إصداره؛ ليعود مجددا إلى ورشة البحث والنظر، بموجب توجيه من الرئيس السيسى بردّه لمجلس النواب، على خلفية الاعتراضات المسجلة بحق بعض النصوص الواردة فى مواده، لا سيما ما يخص حرمة المسكن الخاص، وحقوق المتهم، وبدائل الحبس الاحتياطى، وإيضاح ما يغمض فى الصياغة، أو تتسع أبواب تفسيره لتخلق ارتباكا ومشكلات عملية وقت التطبيق.
والخطوة مهمة من دون شك؛ لأنها تؤشر على سلوك مغاير من جهة السلطة التنفيذية، لا تحتكر فيه القرار بشأن المسائل الحيوية العابرة للأنظمة والحكومات، ولا تترخص فى المراجعة وموازنة الأمور بحقّها، فى ضوء الأطر القانونية المعمول بها، وتحت مظلة الصلاحيات الثابتة بالدستور؛ ولو كانت المُخرجات المُعترَض عليها توافق التصور البسيط عن مصالح الإدارة، وتكتمل لها الصورة الشرعية فى الإجراءات والحجية.
وإذا كانت الوثيقة الدستورية تُجسّد العقد الاجتماعى للدولة فى إطار قانونى؛ فإن غايتها العليا أن تفصل بين السلطات، وتضبط الحدود بينها، وتخلق من الصلاحيات الممنوحة لكل ضلع فيها ضابطا للآخر ورقيبا عليه، لا بالمعنى الولائى المُجرّد كما فى حالة المشرّع بالمنفذ فحسب؛ بل أيضا عبر إفساح أوسع مدى ممكن للتلاقى والاستبصار، وتفعيل إمكانات الجدل الخلاق والحوار المُجد، بغاية الوصول إلى التكامل والوفاق معا؛ طالما يمكن إحرازهما من دون تناطح أو مغالبة وفرض للإرادات.
والملمح الأهم فى قرار الرد، أتصور أنه يتجاوز الحالة الداخلية على أهميتها، إلى السياق الخارجى المحيط بالدولة، والمطوق لمجالها الحيوى من أركانه كافة. ما يسمح للسلطة التنفيذية؛ لو أرادت، بأن تتستّر بالظرف والأولويات، وتُمرر ما أرادت تحت غطاء أنه لا شىء يعلو على اعتبارات الأمن القومى، ولا مجال لاستنزاف الوقت وإهدار الطاقات بعيدا من حال الإجماع المطلوبة، لا سيما أن حدود الاشتباك بشأن التشريع المشار إليه خافتة نوعا ما، ومحميّة بالأغلبية البرلمانية، وكلفة المضى فيه لا تزيد على الرجوع عنه؛ إن لم تكن أقل.
والمُراد؛ أن القيادة السياسية فيما تنشغل بالوقائع الجيوسياسية الملتهبة والمتقلبة، وتتناوشها المخاطر والتحديات من جهات الأرض كلها؛ فإنها لا تُدخل الموضوعات فى بعضها قصدا أو بأثر الزحام وتسارع الإيقاع؛ بل تحفظ لكل مسألة حقها فى الإشباع من الأخذ والرد، واستيفاء متطلبات الإحاطة والشمول من كل الزوايا، ثم ترجمة حصيلة الانفتاح وسعة الصدر فى خطوات عملية، تعبر عن دولة تعيش حياتها الطبيعية على كل صورها، فى مناخ غير طبيعى على الإطلاق.
كان مجلس النواب قد أقر مشروع قانون الإجراءات الجنائية نهائيا قبل عدة أشهر، وبعد فاصل طويل من استطلاع الآراء وجلسات الاستماع وتتابع الاعتراضات وتبدّلها بين صياغة وأخرى. لكنه أرسله إلى رئيس الجمهورية للإصدار قبل أسابيع فقد، وتحديدا فى السادس والعشرين من أغسطس الماضى، ما يعنى أنه كان بصدد أن يصير قانونا نافذا بقوة الدستور بحلول نهاية الأسبوع الجارى.
وقرار الرئيس الأخير؛ إنما يُشير إلى أن الأيام المنصرمة منذ الإخطار كانت فاصلا للقراءة والتقييم، ووضع المواد على الطاولة بجانب المناشدات وآراء المعترضين، وقد أشار إليهم البيان الرئاسى فى معرض الإيضاح وإيراد أسباب الرد، مشفوعا بالنقاط محل الملاحظة سعيا إلى ضبطها أو تطويرها، وبما أحدثه النواب من مقاربات نوعية تُمثل سابقة فى دستور القوانين المصرية وعمدتها.
والغرض هنا فى تصوّرى أن يحفظ للسلطة التشريعية قيمتها واستقلالها، ولا يغمط حقها، وأن يؤكد ضمنيا أن المآخذ لم تكن عن قصد أو تقصير؛ بل نتاج الاختلاف فى الرؤى، والبحث عن الكمال، وهو عزيز المنال على البشر بالطبيعة.
ويجب هنا ألا نمرّ عرضا على جذور المشروع ومرجعيته، أو نُفوّت أنه قُدّم بالأساس من جانب الحكومة كأحد مسارى اقتراح القوانين ووضع مسوّداتها الأولى. وبنية النظام المعمول به فى مصر تُلحق مجلس الوزراء على مؤسسة الرئاسة؛ خاصة أنها حازت ثقة النواب دون اضطرار إلى الوجوع عنها وتكليف حزب الأغلبية بالتشكيل.
ما يعنى أن الاستطراد هنا يقع على الذات فى أحد جوانبه، ويستدرك على الفرع التنفيذى فيما كان أقل من الطموحات والآمال، قبل أن يكون تعديلا على المُشرعين الذين مرروا النص بمشتملاته من النقاط محل الاعتراض.
يتحرك الرئيس قليلا عن موضعه على رأس السلطة التنفيذية، ليكون حكما بين السلطات؛ ولو لم يعد منصوصا على تلك الصفة صراحة فى وثيقة الدستور.
وإذا ينأى جانبا ويتجرد فى النظر لمشروع اقترحته الحكومة، وأقره البرلمان بالأغلبية المطلوبة؛ فإنه ينوب هنا عن الشعب والأقنية الاجتماعية المعبرة عنه، بوصفه صاحب الولاية العليا ومصدر السلطات كلها، وبأن الشرعية التمثيلية التى انتُخب رأس الدولة بمقتضاها، تُلزمه بأن يقف فى صف الناخب؛ ولو على حساب مُعاونين تنفيذيين كان صاحب القرار الأصيل فى اختيارهم، أو بالاختصام القانونى والإجرائى لجهة التشريع الحائزة لشرعية شعبية مباشرة.
والحال؛ أن رد التشريعات صلاحية مستقرة ومتوافق عليها فى كل الأنظمة السياسية تقريبا، رئاسية وبرلمانية ومختلطة. والغرض منها الموازنة بين السلطات، وإبقاء هامش للمُراجعة وصراع الرؤى، بما يسمح بإبقاء الشارع فى القلب من كل عملية تشريعية تُدار فى الفاصل بين منح ثقته للنائب ومحاسبته عليها فى أقرب استحقاق.
وبقدر ما يتسع حيّز الجدل فى الأنظمة الرئاسية؛ فإنه يضيق لدرجة التلاشى فى الصيغ البرلمانية، انطلاقا من أن الحكومة نابعة بالأساس من تركيبة المجالس النيابية، وتكون إجراءاتها ضمن حدود التوازنات السياسية القائمة، وتخرج نصوصها محصّنة استباقيا بالأغلبية نفسها التى تستند إليها الحكومات.
وعلى ما فات؛ فالحكومة الحالية لدينا ليست انعكاسا للأغلبية البرلمانية، وإن حازت ثقتها. وليس للرئيس حزب يمثله، أو ظهير ملتزم أمامه بالمعنى السياسى.
صحيح أن أغلب القوى المهيمنة على البرلمان بغرفتيه تدعم النظام القائم؛ لكنه دعم الانحياز الواحد، والتلاقى على أهداف ومشتركات وطنية، من دون علاقات أيديولوجية أو تنظيمية صريحة وثابتة.
والرئيس برد القانون يقول إن الحكومة شريكة فى الإدارة فعلا؛ لكنها محل رقابة وتقويم دائمين، والأغلبية مشكورة على دعمها من دون شك؛ إنما لا يمنع هذا من أن تختلف الرؤى أو تفترق السبل، وأن يكون رأس السلطة التنفيذية أحرص من بقية أعضائها على الإتقان وتلافى الثغرات، وأقرب إلى الشارع ووحداته القاعدية من ممثليه المُنتدبين رأسا من نقطة الاتصال اليومى وثيق الصلة؛ كحال النواب مع دوائرهم وهيئاتهم الناخبة.
تسمّع الرئيس جِماع الآراء قبل أن ينطق بموقفه الأخير. وإذا كان الإجراء ناشئًا عن الاعتراضات الواردة إليه كما أشار؛ فإنه ما استجاب لها وسار على طريق استدراكها، إلا لأنها تنسجم مع رؤيته وفلسفته فى المقام الأول، ولا تنفصل عن مسار الإصلاح المُتجسّد فى الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، وما تفرّع على تلك الحالة من فعاليات لا تقل أهمية، كالحوار الوطنى ولجنة العفو الرئاسى عن المسجونين وغيرهما.
والأهم أنها تقع فى نطاق الأُطر والضوابط الدستورية، وتُجسّد بعُمق خلاصة النص السامى، وإرادة المُشرّع الدستوى فيما نصّ عليه من التزامات أو أتاحه من حماية صريحة، يُمكن تقييدها بمنطقٍ وقانون فى حالات ضئيلة، ولا يجوز المساس بها على الإطلاق فى الأصول والثوابت الكُبرى.
وتسلسل الإجراءات المُرتقبة بعد الردّ وإخطار رئيس مجلس النواب به، أن يدعو الأخير إلى جلسة عاجلة للنظر فى اعتراض رئيس الجمهورية، مع جواز أن يدعو رئيس الحكومة للإدلاء ببيان عن الموضوع، ثم يُحال الموضوع بمُرفقاته إلى إلى اللجنة العامة للمجلس، للدراسة التفاصيل والنصوص المُشار إليه، ورفع تقرير بالحصيلة إلى النواب فى جلسة عامة على وجه الاستعجال.
وللمجلس أن يصرف النظر عن الاعتراض؛ ليكون مُلزمًا بإقرار المشروع مرّة ثانية، إنما بأغلبية الثُلثين، أو أن يستجيب لاعتراض الرئيس، مع إخطاره بتقرير وافٍ عن القرارات والإجراءات المُتّخذة فى الشأن المطروح، ليتبع ذلك تشكيل لجنة خاصة لإعادة دراسة القانون وتعديل النصوص المشمولة بالمُلاحظات، ليُصار إلى عرضه والتصويت عليه مُجدّدًا بعد استيفاء التعديلات المطلوبة.
والأرجح أن المجلس لن يرفض خطوة الردّ؛ لأنه بحُكم الطبيعة والدور معنىٌّ بالتوصّل إلى أفضل المُمارسات التشريعية الخالية من الشوائب، ولا مصلحة لديه فى اتخاذ موقف مُضادٍّ لرؤية السلطة التنفيذية، بوصفها صاحبة المشروع من الأساس، ومن غير المتوقع أن يُدلى رئيس الوزراء فى بيانه بما يُخالف التوجيهات الرئاسية، أو يُدافع عن المُسوّدة بعدما رُفِضت من مظلة القيادة السياسية ومنبع المشروعية المباشرة للحكومة.
وإذ يتبقّى لمجلس النواب نظريا ما يزيد قليلا على ثلاثة أشهر؛ بإمكانه أن يعود مُجدّدًا فى دور انعقاد سادس، قصير ومُكثّف ولغرض واحد، ليستكمل الآلية الإجرائية المطلوبة لآخرها، عرضا وقبولا وبحثًا ومناقشة ثم التصويت والإقرار، أو أن يُنجز الشقّ الأول بتحديد الموقف من الاعتراض الرئاسى، والسير باتجاه استدراك الملاحظات وتعديلها.
وذلك؛ على أن يُرجأ إنجاز الخطوة الأخيرة للمجلس المقبل، بحسب الأحوال والجداول الزمنية طبعًا؛ لا سيما أن العملية الانتخابية من المُنتظر أن تنطلق مُقدماتها فى غضون الأسبوعين المقبلين، وستنشغل الأحزاب والنواب راغبو الترشح بزخم حملات الدعاية والمؤتمرات الجماهيرية.
وأيًّا كانت ترتيبات الأيام المُقبلة؛ فالمشروع بصدد الإخضاع لمزيد من البحث فى الفترة المقبلة، بقدر يزيد على ما أُخضِع له سابقًا، ويتلافى ما شابه من مُلاحظات تردّدت فى أروقة المجلس ولم يُؤخَذ بها. والغالب أنه سيخرج بهيئة أكثر انضباطا، وأقرب إلى النمذجة التى نُودى بها من المُعترضين والخبراء؛ لأن المجلس سيجتهد فى سد ثغرات المُقاربة الأولى، ولن يُغامر بالتعرُّض لورقة الاعتراض مرّتين.
ومع إيجابية الخطوة شكلاً بغض النظر عن الموضوع. بمعنى أن فكرة الرقابة وحائط الصدّ مُهمّة فى ذاتها، وسواء كان ذلك فى قانون حيوى أو هامشى؛ فإن التوقّف إزاء «الإجراءات الجنائية» يكتسب قيمة مُضاعفة؛ لأنه لا كفاءة إجرائية أو عدالة جنائية من دون الوصول بهذا القانون على وجه التحديد إلى الصورة المُثلى، أو الأقرب للمثالية، فضلاً على عائده المعنوىّ الثرىّ لجهة تأكيد جدّية الخُطى الإصلاحية السابقة، وتعميق حالة الثقة والتلاحُم بين الدولة والشارع، ومجموع القوى السياسية بأطيافها، من مُعارضة وموالاة وما بينهما؛ إن كان ثمّة توسُّط بين الموقفين.
ما جرى أخيرًا يصبُّ فى قناة الحوار الوطنى، وقد كان سبّاقًا إلى فتح الملف والحديث فى تفاصيله، لا سيما الحبس الاحتياطى، كما يُعزّز لجنة العفو ومسار الاستجابات الرئاسية للإفراج عن المحبوسين احتياطيا أو بعض المحكومين فى غير قضايا الإرهاب، وتنعكس آثاره المباشرة فى تعزيز منسوب الثقة فى حيوية العملية السياسية داخليا، وتحفيز الإقبال على الانتخابات النيابية، وتجسيد صورة التلاحُم وصلابة الجبهة الداخلية، فى وقت يُمر على البلد وهو أحوج ما يكون إلى تثبيت دعائمه، وبناء جدار وطنى لا يستثنى أحدًا، ولا يُفرّط فى إسناد آحد؛ مهما بدا ضئيلاً وخافت الأثر فى الظاهر.
نتحصّن داخليًّا بالحوار، والكفاءة، وجدّية التعاطى مع الرؤى كافة دون تعالٍ أو تجنيب. المؤامرات من حولنا بلا حصر، ومحاولات الاستدراج والاصطياد لا تتوقف بالاستفزاز أو الدعايات المنهجية الموجّهة، وتزول الحدود بين فئات الأعداء؛ لدرجة أن يقف الإخوان فى حماية الشرطة الإسرائيلية، ليتظاهروا ضد مصر فى قلب تل أبيب، وتحت ظلّ علمها المُلطّخ بالدم ووقائع الإبادة الثابتة.
أعاد الرئيس مشروع قانونٍ إلى البرلمان؛ لكنه فى واقع الأمر كان يُعيد المجال العام كلّه للحديث على موجة واحدة، ويُعزّز ثقة التيّارات كافة فى نوايا الإصلاح وصدقيّته، وفى إمكانية التوصّل إليها من الداخل، عبر الحوار الأمين والجدل الخلّاق، ومن دون حاجة للتخاصُم والتعادى والالتجاء إلى الخصوم والمتربصين من داخلٍ أو خارج.
والصورة التى سيخرج بها القانون بعد استيفاء المهلة الزمنية المُقرّرة؛ ستُعبّر عن تلك الرغبة الجماعية فى الوقوف على أرضية واحدة، صُلبة ومُتماسكة، وفى ترويض الناحين إلى التطرف من الناحيتين؛ أكان مُعارضًا يُغلّب الأيديولوجيا على المصالح الجماعية، ويفترض السوء قبل الخير، أو مواليًا يُبالغ فى التحسُّس من النقد ويُخوّن المُنتقدين دون فرز أو تفرقة.
ويتعيّن اتّخاذ تلك النقطة مُنطلقًا إلى مشروع سياسى ثقافى واجتماعى جديد، واعتبارها رافعةً يُمكن أن تحملنا إلى مساحة أوسع وأكثر انفتاحًا وتشاركية، وأقدر على ترميم المُتهدّم بين التيّارات ووَصل المنقطع، والخروج من الخاص إلى العام بسِعَة وأريحية، ومع التسليم بأن البناء صعب وطويل مُرتقاه، ويحتاج إلى الإيمان به أوّلاً، ثم الاستعداد لتطويره بالممارسة العملية، وعبر التجربة والخطأ من دون ظنون أو افتراضات مُسبقة.
قد تكون انتخابات مجلس النواب الوشيكة مُختبرًا لتلك الحالة؛ إنما لا ينبغى الحُكم على العملية والمرحلة كلها فى ضوء السباق وحده، لا سيما أنه ما يزال موصولاً بالسابق ولم يتخلّص من رواسب السنوات الماضية بكل ثِقَلها وتعقيداتها وما غلب عليها من ارتياب وسوء فهم مُتبادَل.
وقد يكون مُفيدًا أن يُعاد تنشيط منصّة الحوار الوطنى، وأن تُفعّل وزارة الشؤون القانونية والنيابية ما يقع فى نطاق اختصاصها من شِقّ «التواصل السياسى»، عبر رؤية مكتملة وناضجة للانفتاح على كل الجبهات، وربط القوى والفعاليات ببعضها، والعمل على البناء المُتدرّج من أسفل لأعلى، بالنفاذ إلى عصب الرأى العام وقواعده فى أبعد نقطة أفقيا ورأسيا عن المركز.
وإلى ذلك؛ يقع فى نطاق مسؤولية الوزراة أن تعمل على تشبيك مكونات المجتمع المدنى فيما بينها، ومنها إلى الأُطر المؤسسية وهياكل العمل التنفيذى، مع إتاحة المجال لتلك الفلسفة أن تتنفّس فى أقنية اتّصالية نوعية وجماهيرية، عبر الندوات وورش العمل فى الجامعات والجمعيات والمدارس ومراكز الشباب وقصور الثقافة، وصولاً إلى الإعلام ووسائل الاتصال الجماهيرية واسعة المدى والفاعلية.
ردّ القانون إشارة رئاسية لبقيّة المؤسسات أن تتعمّق فى أدوارها بوعى وكفاءة وتجرُّد، وأن تُمارس صلاحياتها دون مواءمة أو حسابات.
إشارة للقوى السياسية والتجمّعات المهنية والثقافية أن تكون شريكا، وللشارع أن يُواكب ويُراقب ويشتبك. خطوة جديدة على طريق الانفتاح، لا مُنتهى الآمال ومبلغ الغايات.
ويجب أن تُغتَنَم الفرصة من الجميع بإقدامٍ عاقل، وحماسة مُتبصّرة، ومُوازنة دقيقة دائمًا بين المُمكن والمأمول، وما يقبل الإرجاء أو يتحسن فيه الاستعجال، وبما لا يتصادم مع الأولويات أو يُعطّلها.
والأهم ألا يُفَرّط فى فكرة الإصلاح، والتدرُّج الصاعد بالممارسة والتراكُم، وإخلاص الوجوه كلّها لإعادة تمتين تحالف 30 يونيو، والانخراط جماعيًّا فى ورشة البناء والتجويد داخليًّا، وفى اليقظة والاستعداد للمُلمّات وما يسعى الخصوم والأعداء لتطويقنا به من الخارج.