يجسد الرئيس عبد الفتاح السيسي كل يوم أمثلة واقعية وأدلة ملموسة على اهتمامه بدعم وتعزيز حقوق الإنسان والحريات وتفعيل الضمانات الدستورية لصون حقوق المتهمين في محاكمة عادلة ومنصفة، ويعكس ذلك بشكل واضح توجيه الرئيس السيسي برد مشروع قانون الإجراءات الجنائية إلى مجلس النواب لبحث الاعتراضات على عدد من مواد مشروع القانون.
هذا القرار قوبل بترحيب سياسي وحقوقي كبير من الأحزاب والقوى السياسية والمهتمين بحقوق الإنسان ورجال القانون، على الرغم من الجهد الكبير الذي بذله مجلس النواب في مناقشة مشروع القانون وإجراء حوار مجتمعي موسع بشأنه إلا أن الرئيس السيسي استجابة لمناشدات عديدة وردت له لإعادة النظر في بعض مواده.
وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على الحرص الكبير من جانب القيادة السياسية على تفعيل الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان على أرض الواقع، وحرصه على أن يخرج قانون متكامل ومتوازن للإجراءات الجنائية يتسق مع أحكام الدستور المصري ويفعل جميع الضمانات الواردة به لحماية حقوق الإنسان والحريات وضمانات المحاكمة العادلة، كما يعكس هذا القرار حرص الرئيس السيسي على إضافة مزيد من الضمانات في مشروع القانون.
ويأتي قرار رئيس الجمهورية برد مشروع قانون الإجراءات الجنائية إلى مجلس النواب استكمالاً وتعزيزا الجهود الكبيرة التي تبذلها الدولة في عهده لدعم حقوق الإنسان والحريات والتي تجسدت على مدار السنوات الأخيرة في اهتمام القيادة السياسية بالتوسع في قرارات العفو الرئاسي عن المتهمين في قضايا الرأي والإفراج عن أعداد كبيرة من المحبوسين احتياطياً، فضلاً عن توجيهات الرئيس الدائمة للحوار الوطني والحكومة بمراجعة ملف الحبس الاحتياطي ووضع الضمانات اللازمة لحماية حقوق الإنسان، بالإضافة إلى حرص الرئيس على تطبيق المفهوم الشامل لحقوق الإنسان والتأكيد على حق المواطنين حياة كريمة وتوفير حق المواطن في الصحة والتعليم والسكن وتحسين جودة الخدمات وغيرها.
وفقا للبيان الذي أصدره السيد الرئيس فإن المواد المعترض عليها في مشروع قانون الإجراءات الجنائية تتعلق باعتبارات الحوكمة والوضوح والواقعية، بما يوجب إعادة دراستها لتحقيق مزيد من الضمانات المقررة لحرمة المسكن ولحقوق المتهم أمام جهات التحقيق والمحاكمة، وزيادة بدائل الحبس الاحتياطي للحد من اللجوء إليه، وإزالة أي غموض في الصياغة يؤدي إلى تعدد التفسيرات أو وقوع مشاكل عند التطبيق على أرض الواقع، وإتاحة الوقت المناسب أمام الوزارات والجهات المعنية لتنفيذ الآليات والنماذج المستحدثة في مشروع القانون والإلمام بأحكامه ليتم تطبيقها بكل دقة ويسر وصولاً إلى العدالة الناجزة في إطار من الدستور والقانون.
وهذه المواد من وجهة نظري تعد صلب قانون الإجراءات الجنائية فيما يتعلق بضمانات حماية الحقوق والحريات، وهو ما يكفله الدستور المصري من صون حرمة المسكن وخصوصيته وحقوق المتهم في توفير ضمانات المحاكمة العادلة والمنصفة، وتوجيه الرئيس السيسي بالتوسع في بدائل الحبس الاحتياطي خطوة مهمة تتسق مع توصيات الحوار الوطني ومطالب العديد من الأحزاب والقوى السياسية والمهتمين بحقوق الإنسان، واستجابة الرئيس لهذه المناشدات يعكس الحرص الكبير من جانبه لخروج هذا القانون بصورة أكثر توافقية تحقق الصالح العام للوطن والمواطن.
رد فعل مجلس النواب كان سريعاً ومهما بإعلان ترحيبه بتوجيه رئيس الجمهورية برد مشروع قانون الإجراءات الجنائية لإعادة النظر في المواد المعترض عليها، وأكد مجلس النواب أنه تلقى كتاب الرئيس بشأن الاعتراض على عدد من مواد مشروع القانون عملًا بحكم المادة (١٢٣) من الدستور، وأنه يرحب بهذا التوجيه الرئاسي ويثمّن هذا الموقف البالغ الدلالة، ويرى فيه إعلاءً لقيمة الحوار بين المؤسسات، وتجسيدًا للشراكة الرفيعة رئيس الجمهورية والسلطة التشريعية، حيث تتلاقى الإرادات جميعها على تحقيق مصلحة الوطن، وصيانة حقوق الشعب، وترسيخ هيبة الدستور والقانون، وأعلن أنه تقرر إدراج الاعتراض الوارد في رسالة رئيس الجمهورية في أول جلسة عادية لمجلس النواب بدور الانعقاد العادي السادس من الفصل التشريعي الثاني، وذلك يوم الأربعاء الموافق الأول من أكتوبر سنة ٢٠٢٥، ودعوة رئيس مجلس الوزراء، للإدلاء ببيان في هذا الشأن؛ بما يضمن إعادة النظر في المواد محل الاعتراض، وبما يليق بعزيمة مصر على أن يكون قانونها الجنائي الجديد نموذجًا يُحتذى في الدقة التشريعية، وصون حقوق الإنسان، وترسيخ منظومة عدالة جنائية متكاملة تكفل سيادة القانون وصون الحقوق.
السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي ثمن جهود مجلس النواب الموقر في إقرار مشروع قانون الإجراءات الجنائية وما استحدثه فيه من تنظيم موضوعات لأول مرة منها؛ إجراءات منع المتهمين من السفر ووضعهم على قوائم ترقب الوصول، وإجراءات التعويض المادي عن الحبس الاحتياطي في حالات محددة وتخفيض مدده، وإجراءات التحقيق وتجديد الحبس والمحاكمة عن بعد من خلال استخدام وسائل تقنية المعلومات، وإجراءات حماية الشهود، وإجراءات التعاون القضائي الدولي في المسائل الجنائية، وكذلك التعديلات الجوهرية التي أدخلها مجلس النواب على عدد آخر من نصوص قانون الإجراءات الجنائية الساري، بما يعكس تقدير كبير من القيادة السياسية للجهود التي بذلها مجلس النواب، وبما يؤكد أهمية التعاون بين السلطات والحرص على توسيع الضمانات لحماية وتعزيز حقوق الإنسان.