دندراوى الهوارى

معسكر الإنقاذ وإيقاف خطر الزوال من الخرائط.. وهندسة بنية ردع جديدة متعددة الأطراف!

الأحد، 21 سبتمبر 2025 12:00 م


لم تَعد هناك خيارات مفتوحة، أمام من يريد أن يلحق بركب الإنقاذ من غرق «الطوفان»، ولا توجد رفاهية التفكير والتردد، والحسابات الخاطئة. وفى مواجهة الطوفان الأمر يحتاج إلى ثبات وحنكة وفطنة ومرونة وقدرة بارعة على اتخاذ القرارات الحاسمة، كما يحتاج إلى التكاتف ووحدة الصف، وأن قراءة التاريخ صارت فقه الضرورة، لاستخلاص العظات والدروس، والتاريخ ملىء بمثل هذه المواقف التى تمر بها المنطقة حاليا، وأمكن تجاوزها بالحنكة والفطنة، والوحدة والتكامل بإخلاص شديد، كما أن تجربة تصديق القوى الكبرى فى تاريخنا المعاصر، والإيمان بأنها تمتلك الحلول للمشاكل، والحماية من المخاطر، ثبت فشلها.

طوفان 7 أكتوبر 2023 أعاد تقييم الحسابات الأمنية والسياسية، بشكل دقيق، وأن إيقاف الفيضان المتدفقة مياهه المدمرة للخرائط الجغرافية، يحتاج لتغيير شامل فى المفاهيم القديمة، وأن انتقال الإقليم من الاعتماد بشكل أحادى على الولايات المتحدة الأمريكية، الداعمة دعما مطلقا لإسرائيل، صار يحتاج لمراجعة، وأن مقتضيات الضرورة هى التوجه للارتكاز على بنية ردع جديدة متعددة الأطراف تواجه التمدد البربرى الإسرائيلى فى المنطقة، بشكل قد يحول أى صراع مستقبلى بين إسرائيل وأى دولة من الدول الصلبة، فى المنطقة، وعلى وجه الخصوص، الرباعى، مصر وتركيا والمملكة العربية السعودية والأردن، إلى حرب نيرانها تشعل ليس الإقليم فحسب، وإنما العالم بأسره.

طوفان 7 أكتوبر، أنهى الحفلة التنكرية وأسقط الأقنعة، وظهرت الوجوه على حقيقتها، وأن الدول التى كانت تقدم نفسها باعتبارها الباحثة عن الأمن والاستقرار، لا تجيد سوى الخراب والدمار، ودستورها سلب مقدرات الشعوب الآمنة المسالمة، وتقسيم خرائطها الجغرافية، وأن القوى الكبرى التى كانت تقدم نفسها باعتبارها الضامن الوحيد القادر على الحماية والوقوف أمام الطوفان، تَكَشف كذبها وتنصلت منه، وصارت هى التى تدير الأحداث فى الغرف السوداء، وتُسخر ذراعها الباطشة للتنفيذ، فى قتل للإنسانية، وانتهاك صارخ لقيم العدل والأمان، وضرب القوانين والأعراف السياسية والدبلوماسية عرض الحائط.

وبما أن مصر دولة عقيدتها التاريخية المنقوشة على جدران المعابد، هى ترسيخ قيم السلام والعدل والحق والأمن والاستقرار، وأنها رجل المطافئ الذى يبذل كل الجهود لإطفاء النيران، وتقف بقوة أمام الفوضى والخراب والدمار، لذلك تعمل على الوحدة والتلاحم، والجاهزية لكل السيناريوهات، وتفتح ذراعيها للتعاون البناء مع كل الدول التى تواجه خطر التهديد بالغرق، تحت شعار الاعتماد على النفس هو طوق النجاة الوحيد، وأن محاولة البعض من الذين تهدد جغرافيتهم خطر الغرق، الارتماء فى أحضان مدبر الطوفان، ومنفذه، هو انتحار حقيقى، شبيه بالذى يلقى بنفسه بين فكى الأسد ثقة فى النجاة!

تأسيسا على ذلك، فإن التنسيق والتدريب ورفع معدلات الجاهزية القتالية للجيوش، للمعسكر الصلب، الرباعى، مصر والسعودية وتركيا والأردن، صار اختيار الضرورة، ليس بهدف العدوان على الغير، ولكن للدفاع والردع، والحفاظ على مقدرات الشعوب، وأمنها واستقرارها.

ومن هذا المنطلق يأتى استئناف مناورات «بحر الصداقة» العسكرية المشتركة بين مصر وتركيا، والتى تجرى فى شرق البحر المتوسط بعد توقفها 13 عاما، وفق ما أعلن عنه رسميا المتحدث الإعلامى لوزارة الدفاع التركية، زكى أكتورك، والتأكيد على أن مناورات «بحر الصداقة» التركية - المصرية البحرية الخاصة ستجرى فى شرق المتوسط خلال الفترة ما بين 22 و26 سبتمبر، بهدف تطوير العلاقات الثنائية وتعزيز قابلية العمل المشترك بين مصر وتركيا.

وكان قد سبقها مناورة النجم الساطع، والتى تعتبر - وفق وصف المتحدث الرسمى للقوات المسلحة المصرية - واحدة من أكبر التدريبات العسكرية المشتركة فى العالم، حيث شارك فيها 43 دولة، منها 13 دولة بصفة مشارك بأكثر من 7900 مقاتل، و30 دولة بصفة مراقب، وذلك فى قاعدة محمد نجيب العسكرية.

أيضا الاتفاق العسكرى بين المملكة العربية السعودية، وباكستان، يعد نواة للتعاون وإدراك المخاطر وضرورة مراجعة المفاهيم، وتصحيحها، وهى الاتفاقية التى أثارت ضجة، نظرا للعديد من الأسباب بحسب المراقبين الذين رأى بعضهم أن هذه الاتفاقية الاستراتيجية يمكن أن تؤرّخ لتحوّل كبير فى ميزان القوى الإقليمية، وأنّ من شأنها كذلك أن تقلب حسابات إسرائيل الاستراتيجية رأسا على عقب، وتعد قرارا دفاعيا قويا تتخذه دولة خليجية، بعد هجوم إسرائيل على قطر فى التاسع من سبتمبر.

وذهبت وسائل الإعلام العالمية الكبرى، إلى الاعتقاد بأن ربما اتفاقية التعاون العسكرى الباكستانى السعودى، والتقارب اللافت، بين مصر وتركيا، يفضى إلى تشكيل ناتو عربى إسلامى قوى، قادر على الردع، والتصدى للطوفان الذى قد يغرق المنطقة.

الحقيقة أن هذه التحركات، واعتباره معسكرا جديدا قويا، وفاعل أثلج صدور الشعوب العربية والإسلامية، وبارقة أمل فى هندسة بنية القدرات الرادعة، وإيقاف إغراق الخرائط، وعدم الارتكاز على أمريكا، التى تأكل مع الذب وتبكى على استحياء مع الراعى.




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب