محمود عبدالراضى

كنز الوالدين الخفى

الثلاثاء، 02 سبتمبر 2025 12:32 م


في زحمة الحياة وتدافع الأيام، يختلط علينا مفهوم الرزق، فنحن نحصره غالباً في الأموال والمال الوفير، كأن الرزق مقصور على النقود التي تجري في اليد أو الأرصدة التي تتكدس في البنوك، لكن الحقيقة أعمق، والرؤية أرحب.

الرزق ليس فقط ما تراه العين أو تحسبه الحسابات، هناك أرزاق منسية، تنساب كالنسيم، تغسل الروح، وتفتح أبواب البركة والراحة بلا حساب ولا عد.

أعظم هذه الأرزاق دعوات الوالدين، تلك الدعوات التي لا يراها سوى القلوب المؤمنة، ولا يذوق حلاوتها إلا من رباهم بحب، وسهروا على راحتهم بسهر، دعواتهم هي الرزق الخفي، الكنز المكنون الذي لا ينضب، لا يزول بعد فراقهم، بل تزداد قيمته مع مرور الزمن، إنها الزاد الحقيقي للابن، المعين الصامت الذي يسير معه في دروب الحياة، يحميه من عواصف القدر، ويملأ أيامه نوراً وسكينة.

قد يظن البعض أن الدعاء مجرد كلمات تمر على ألسنة الفقير والغني على حد سواء، لكنه في الحقيقة سرٌ عميق يتغلغل في جدران السماء، يتردد صداه في أروقة القدر، ويستجيب له الرحمن برحمته الواسعة، في دعوة الوالدين بعد موتهم، حياة تتجدد، وراحة تغمر القلب، ونجاح لا يُفسر إلا بسحر ذلك الرحم الذي لا ينضب.

في زمن تشتد فيه الضغوط وتتعقد فيه المشاعر، ننسى أن نلجأ إلى هذا الرزق، إلى هذا السحر الصامت، ننسى أن وراء كل نداء وحيد، خلف كل دمعة سرية، هناك دعوة تنتظر أن تتحول إلى بركة، إلى نور يسير معنا، دعوة الوالدين هي ثروة لا تنفد، هي أمان لا ينقطع، هي الكنز الذي يحملنا حين نكون في أشد الحاجة.

إن الرزق الذي ينبع من دعواتهم هو وعد لا يخون، هو النعمة التي تعانق الروح، وتحمي القلب من الوحدة والخوف، فلنحرص على أن نكون أبناء يستحقون دعواتهم، بأفعالنا وصدقنا ومحبتنا، لكي نستحق ذلك الرزق العظيم، الرزق المنسي.

 




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب