شريف عارف

.. إلى شعب "العدو"!

الخميس، 18 سبتمبر 2025 12:50 م


جاء خطاب الرئيس عبد الفتاح السيسى أمام القمة العربية الإسلامية التى انعقدت فى قطر قبل أيام، ليحمل عددا من الرسائل السياسية الواضحة، ليس فقط فى إدانة العدوان الإسرائيلى، بل فى التأكيد على الثوابت المصرية تجاه القضية الفلسطينية، ورسم ملامح رؤية أشمل لمستقبل الأمن العربى والإسلامى.

بعد قرابة نصف قرن من الزمان على خروج كلمة "العدو" من قاموس العلاقات المصرية – الإسرائيلية، عادت الكلمة لتطرح نفسها من جديد على لسان السيد الرئيس فى حديثه، الذى اختص به شعب إسرائيل على وجه التحديد.

لم تكن إدانة الرئيس للعدوان الإسرائيلى، مجرد موقف تضامنى بل اعتباره تهديدًا مباشرًا للأمن القومى العربى والإسلامى يمثل إعادة تعريف لطبيعة المخاطر التى تواجه المنطقة.

أصبح فى حكم المؤكد أن القضية الفلسطينية لم تعد - فى الخطاب المصرى - شأنًا إنسانيًا أو محليًا فحسب، بل قضية أمن إقليمى عام تمس استقرار الدول جميعًا وليس دولة بعينها.

عندما شدد الرئيس على ضرورة محاسبة إسرائيل، فقد وجّه رسالة مزدوجة الأولى للمجتمع الدولى الذى يتغاضى عن الجرائم الإسرائيلية، والثانية لإسرائيل ذاتها بأن الحماية السياسية التى تتمتع بها لن تستمر إلى الأبد.

هذه النقطة - على وجه التحديد - تحمل دلالة مهمة، إذ تضع مصر فى موقع المطالب بتغيير قواعد اللعبة الدولية التى سمحت للاحتلال بالاستمرار دون عقاب.

تأكيد السيد الرئيس على وحدة الصف العربى والإسلامى، يعكس إدراكا بأن تفتيت المواقف يخدم الاحتلال ويضعف القضية، ومن هنا فإن دعوة الرئيس لتفعيل "الرؤية المشتركة للأمن والتعاون" تمثل محاولة لوضع أساس استراتيجى جديد، يمنع أى ترتيبات أحادية أو ضغوط خارجية تستهدف تفكيك الموقف العربى المتأزم فى الأساس.

الرسالة الأقوى فى كلمة السيد الرئيس، كانت رفض مصر القاطع لأى مشروع يهدف إلى تهجير الفلسطينيين.

هذه النقطة تحديدًا تكشف خطًا أحمر مصريًا وضعته القاهرة يرتبط بالأمن القومى المباشر، إذ تدرك الإدارة المصرية أن أى تهجير جماعى ستكون له تداعيات خطيرة على استقرار المنطقة، فضلًا عن كونه تصفية عملية للقضية الفلسطينية.

جددت الكلمة التأكيد على المرجعية الدولية بالتمسك بحل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، مما يعيد للخطاب المصرى قدرته فى تثبيت المرجعية القانونية الدولية كمسار وحيد للسلام، كما أن الدعوة الموجهة للدول التى لم تعترف بفلسطين بعد، تكشف حرص مصر على توسيع نطاق الشرعية الدولية للحق الفلسطيني.

طرح الرئيس السيسى لفكرة إنشاء آلية عربية إسلامية للتنسيق لا يعكس فقط رد فعل على العدوان، بل يؤسس لإطار مؤسسى طويل الأمد يمكن أن يتحول إلى أداة ضغط جماعية على المستوى الدولي، وهو ما تحتاجه القضية الفلسطينية فى ظل تراجع الفعل العربى المشترك.

لم يتوقف الموقف المصرى عند حدود الكلمة، بل تعزز بترحيب وزارة الخارجية المصرية بتقرير لجنة التحقيق الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة، والذى أكد ارتكاب الاحتلال الإسرائيلى لجريمة الإبادة الجماعية فى غزة، وهو ما يعطى ثقلًا إضافيًا للخطاب الرئاسي، ويؤكد أن القاهرة تتحرك بخطاب سياسى متكامل على المستويين الإقليمى والدولي.

يمكن القول إن كلمة الرئيس السيسى أمام القمة لم تكن مجرد بيان تضامنى فحسب، بل هى إعلان سياسى يرسم حدود الدور المصرى فى لحظة إقليمية فارقة.

الرسالة الجوهرية للشعب الإسرائيلي - وللعالم - أن مصر لن تسمح بتصفية القضية الفلسطينية، ولن تقبل بتهديد أمنها القومى عبر مشاريع التهجير أو سياسات الإبادة الجماعية أو استعراض القوة.

السلام لا يقوم على الغطرسة واستبداد القوة، بل على العدل والاعتراف بحقوق الشعوب فى تقرير مصيرها.

هذا هو موقف مصر ..الذى لم ولن يتغير ..

 




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب