حين أسس القمص بطرس جيد لجنة البر بـ الكنيسة القبطية في سبعينيات القرن الماضي، كان يحمل حلمًا يتجاوز المساعدات العينية المؤقتة، وكان يؤمن بأن الرعاية لا تكتمل إلا بالتنمية، وأن الرحمة الحقيقية تتجلى في منح الإنسان وسيلة للعيش الكريم، لا مجرد إعالة عابرة.
في عام 1980، تجسد هذا الإيمان في مشروع مستشفى السيدة العذراء الخيري بحي الزيتون، ليكون أحد أبرز إنجازات لجنة البر التابعة للكرازة المرقسية. بُنيت المستشفى لتخدم الفقراء والمحتاجين من أبناء القاهرة ومحافظات الجمهورية كافة، ولتقدم رعاية طبية متكاملة بتكلفة رمزية، دون تفرقة أو تمييز، وبنخبة من أمهر الأطباء وأحدث الأجهزة.
خلال سنوات، لم تقتصر رسالة المستشفى على علاج المرضى فقط، بل غدت نموذجًا في العمل الكنسي التنموي المتكامل. فقدمت في تنوع أقسامها وخدماتها المتعددة صورة واضحة عن إمكانية الجمع بين الأداء الطبي عالي المستوى والرسالة الروحية الرحيمة. وبحسب رؤيتها، تسعى مستشفى العذراء لأن تكون رائدة في مجال الرعاية الصحية المتكاملة، من خلال بنية تحتية حديثة، وفرق طبية مؤهلة، وخدمات صحية تُراعي كرامة الإنسان واحتياجاته.
أما "رسالتها"، فهي كما وُثقت في أوراق تأسيسها: تقديم أفضل جودة ممكنة في مجال الرعاية الصحية، في بيئة آمنة وموثوقة، تسهر فيها فرق طبية مدربة على راحة المريض وأسرته، مستخدمة أحدث ما توصلت إليه تقنيات الطب الحديث.
تُعد المستشفى اليوم امتدادًا عمليًا لتاريخ طويل من الرعاية الكنسية للفقراء. ويُذكر أن لجنة البر، التي أسسها القمص بطرس جيد، كانت من أوائل الهيئات الكنسية التي تبنت مبدأ "التمكين عبر التنمية"، حيث عملت على إنشاء مشروعات صغيرة لتعليم الأسر الفقيرة حرفًا يعتاشون منها. هذا المفهوم تبناه البابا شنوده الثالث، فوسع اللجنة لتصبح نموذجًا معممًا في كل إيبارشية، ولا يزال البابا تواضروس الثاني يدعمها ويشدد على دورها الحيوي في خدمة المجتمع.