قصة اكتشاف "تيتانيك".. من أعماق الأطلسي إلى ذاكرة السينما

في مثل هذا اليوم من عام 1985، أعلن فريق من الباحثين الأمريكيين والفرنسيين بقيادة العالم الأمريكي روبرت بالارد عن العثور على حطام السفينة الأسطورية تيتانيك، بعد أكثر من 73 عامًا من غرقها المأساوي في شمال المحيط الأطلسي عام 1912.

كان الحطام يرقد على عمق يزيد عن 3800 متر تحت سطح البحر، في ظلمة حالكة ودرجة حرارة تقترب من التجمد، وهو ما جعل الوصول إليه حلمًا علميًا ظل بعيد المنال لعقود.

كيف تم العثور على الحطام؟

جاء الاكتشاف بعد سنوات طويلة من البحث، باستخدام تقنيات متطورة في التصوير تحت الماء. اعتمد الفريق على غواصة آلية صغيرة تحمل كاميرات دقيقة، استطاعت أن ترصد آثار السفينة العملاقة وسط قاع المحيط. أول ما ظهر أمامهم كان أحد المراجل الضخمة (الغلايات) للسفينة، قبل أن يتأكدوا من أنهم أمام الحطام الذي ظل أسطورة في الذاكرة البشرية.

في عام 1985، شرع بالارد مع عالم المحيطات الفرنسي جان لوي ميشيل مرة أخرى في البحث عن الحطام، وهذه المرة باستخدام غواصة تجريبية بدون طيار تسمى أرغو ، طورتها البحرية الأمريكية وسافرت أرغو فوق قاع المحيط مباشرة، وأرسلت الصور إلى سفينة الأبحاث كنور.

في الصباح الباكر من يوم 1 سبتمبر، كانت أرغو تحقق من الوصول إلى الحطام على قاع المحيط عندما مرت فجأة فوق إحدى غلايات تيتانيك الضخمة، على عمق حوالي 13000 قدم.

وفي اليوم التالي، تم اكتشاف هيكل السفينة في مكان قريب، وقد انقسمت إلى نصفين، لكن العديد من معالمها وداخلها كانت محفوظة بشكل جيد للغاية، وتناثرت مئات الآلاف من قطع حطام في دائرة نصف قطرها 2 ميل مربع حول السفينة، وتم استكشاف الحطام لاحقًا بواسطة غواصات مأهولة وغير مأهولة، مما ألقى ضوءًا جديدًا على تفاصيل غرقها عام 1912.

السينما تصنع الذاكرة

ورغم أن الاكتشاف العلمي أعاد “تيتانيك” إلى الواجهة، فإن السينما هي التي صنعت ذاكرة جماعية جديدة حولها. فيلم “Titanic” (1997) لجيمس كاميرون، لم يكن مجرد عمل فني ضخم، بل لحظة أعادت القصة إلى وجدان ملايين البشر حول العالم. الجمع بين الحب والمأساة، وبين الخيال والحقيقة، جعل السفينة رمزًا للغرور البشري من ناحية، وللحنين والشجن من ناحية أخرى.