محمود عبدالراضى

في حضرة الوَنس

الثلاثاء، 05 أغسطس 2025 03:08 م


في مرحلةٍ ما من عُمرنا، نُدرك أن الوَنس ليس ترفًا عاطفيًّا، بل ضرورة إنسانية، نُدرك أن الحب – على جماله – قد يُشبه زهرةً موسمية، تتفتح وتذبل، أما الوَنس فهو شجرة ظلّها ثابت، وجذرها في الروح عميق.

الوَنس ليس وعدًا ورديًّا، ولا كلمات منمّقة تُقال في لحظة انبهار، الوَنس أن تجد من تُحادثه دون موعد، من تُرسل له: "هل أنت هناك؟" ويأتيك الرد: "أنا معك قبل السؤال"، من تُلقي عليه همّك، لا ليحمله عنك فقط، بل ليشعر به كأنّه بعضٌ منه.

أن تسأله: "ما رأيك؟" دون أن تخاف من تقييم أو سخرية، أن تخطئ أمامه، ولا يتغيّر، أن تتعثّر، فيمدّ يده لا ليعاتب، بل ليُقيمك.

الوَنس ليس مَنْ يُحبّك في فرحك فقط، بل من يتّسع لك في ضيقك، من يسمع صمتك، ويقرأ وجعك بين سطور سكوتك، من يقول لك: "ما بالك؟" وهو يعلم أنّك لا تُجيد البوح، لكنه ينتظره بصبر العارف وقلب المُحب.

الوَنس ليس فقط أن تجد من يُجيبك، بل أن تجد من يُفتقدك قبل أن تغيب، من يُنصت لغيابك في تفاصيل يومه، ويتساءل: "لماذا لم يأتِ؟ ماذا به؟"

إنّ الوَنس، ببساطة، هو العُكّاز الذي لا تنتظره، لكنه دائمًا هناك حين تميل، هو الروح التي تطبطب على روحك كلّما ضاقت عليك الدنيا، هو الردّ الذي يردّك إليك، حين تفقد نفسك في زحام الأيام.

في زمن امتلأ بالأصوات، نحن لا نبحث عن صوتٍ جديد، بل عن صدى يعرفنا، ويُعيد إلينا شعور الأمان.




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب