في 31 أغسطس عام 1290 أصدر الملك إدوارد الأول قرارًا تاريخيًا يقضي بطرد جميع اليهود من إنجلترا، وهو قرار ظل نافذًا طوال العصور الوسطى ولم يُلغَ إلا بعد أكثر من 350 عامًا، وتحديدًا عام 1656. هذا الإجراء لم يكن وليد لحظة، بل جاء نتيجة قرنين من التوتر والعداء وسوء المعاملة المتبادل بين المجتمع الإنجليزي واليهود.
يشير الكاتب محمد الشودري في مقاله "طرد اليهود من بريطانيا" إلى أن مشاعر الكراهية ضد اليهود تصاعدت في القرن الثالث عشر؛ إذ كان أسلوب حياتهم مختلفًا عن عامة الشعب من مزارعين وتجار وصناع. كما ارتبط اليهود آنذاك بالربا والإقراض بفوائد مرتفعة وصلت أحيانًا إلى 100%، ما أشعل مشاعر الاستياء بينهم وبين سكان المدن، خصوصًا في لينكولن.
وتروي المصادر التاريخية أيضًا أن الأحداث بدأت مبكرًا، أبرزها ما وقع أثناء تتويج الملك ريتشارد الأول عام 1190 حين تحولت مشاحنة مع بعض الأشراف المديونين لليهود إلى مذبحة واسعة امتدت إلى عدة مدن وأسفرت عن مقتل نحو 350 يهوديًا.
أما الكاتب شريف العصفوري في كتابه "تسالونيكي" فيوضح أن مرسوم الطرد شمل جميع الجزر البريطانية، وكان عدد اليهود حينها يقارب 16 ألف نسمة. ومن المفارقات أن الملك إدوارد ألزم مواطنيه برد ديونهم لليهود خلال شهر واحد فقط، وإلا أصبحت تلك الديون ملكًا للتاج. وبعد سنوات قليلة، اتبع الملك فيليب الرابع في فرنسا السياسة ذاتها وطرد اليهود عام 1306.