استكمالاً لاستعراض التاريخ المصرى القديم، والعصر القبطى، نعرض سلسلة الاضطهادات الرومانية للمسيحيين بمصر ما يلى:
- اضطهادات مكسيمينوس سنة 235 التى عذب فيها أعدادا من الأقباط حتى الموت واضطر فى عهده البطريرك ياروكلاس أن يهرب من الإسكندرية.
- واضطهادات دكيوس التى بدأت بمرسوم سنة 250 وعذب واستشهد فيها الآلاف، وانتشر الحزن والفزع فى نواحى مصر.
- واضطهادات ديوقليسيانوس سنة 303 وفاليريوس ودازا وغيرهم، حيث استشهدت أعداد كبيرة من الأقباط، وتم سجن وتعذيب آخرين فى معتقلات المحاجر فى سيناء والبحر الأحمر، واستمر الوضع على هذا الحال، الرومان يضطهدون الأقباط والأقباط يزدادون تمسكاً بالمسيحية.
- فى التاريخ القبطى عُرفت فترة اضطهاد الأمبراطور ديوقليسيانوس للأقباط بـ"عصر الشهداء"، وأصبح تاريخ جلوسه على عرش روما فى 29 اغسطس 284م بداية للتقويم.
استمر عصر الشهداء عشر سنوات متواصلة من الترويع والتنكيل والقتل راحت ضحيته أعداد ضخمة من الأقباط يقال أنها وصلت لـ840.000، ولكن بغض النظر عن أن الأرقام التى قد يكون من المحتمل أنها مبالغ فيها، فهى على أى حال توضح حجم الاضطهاد والمعاناة التى عاش فيها الأقباط. فلم تكن الفكرة مجرد تمسك بدين جديد لكنها كانت تمسك بالقومية المصرية فى مواجهة المحتلين
- وظل الوضع على ما هو عليه حتى سنة 313 عندما أصدر الإمبراطور قسطنطين الأول مرسوم ميلانو الذى سمح بحرية العبادات فى كافة أنحاء الإمبراطورية الرومانية.
- فى بداية القرن الرابع كان هناك حوالى أربعين مدينة مصرية بها أساقفة، وكانت بالإسكندرية وحدها 100 أسقف، إذ بلغ عدد المسيحيين فى مصر وقتها لحوالى مليون مسيحى.
"الكنيسة القبطية الأرثوذكسية"
والتى تأسست على تعاليم القديس مرقس الذى رافق مار بطرس وبولس وكان يساعدهما فى الخدمة والتبشير، فكان بطرس يسميه ابنه كما ورد فى رسالة بطرس الأولى:
(يسلم عليكم مرقس ابنى ' فى بطرس الرسالة الأولى، الأصحاح 5 الآية 13)، وقد بشر مرقس بالمسيحية فى مصر، خلال فترة حكم الإمبراطور الرومانى نيرون فى القرن الأول، أى بعد حوالى عشرين عاما من انتهاء بشارة المسيح وصعوده إلى السماوات، وكان أول من آمن بالمسيح فى مصر إسكافيا ذهب إليه القديس مرقس بمجرد وصوله إلى مصر لإصلاح حذائه الذى اهترأ من السفر، فصرخ الإسكافى إلى الله عندما دخلت الإبرة التى يعمل بها فى يده، وهنا بدأ القديس مرقس يشرح له من هو الله وكيف أتى المسيح لخلاص البشر فآمن الإسكافى وأهل بيته.
الكنيسة القبطية، التى يزيد عمرها الآن عن تسعة عشر قرناً من الزمان والتى بالرغم من الاتحاد والاندماج الكامل للأقباط، استمرت ككيان دينى قوى، وشخصية مسيحية واضحة فى العالم رغم انفصالها عن معظم الكنائس، مما أدى إلى انعزالها.
تعتبر الكنيسة القبطية نفسها مُدافِعاً قوياً عن الإيمان المسيحي. وإن قانون مجمع نيقية، الذى تقرِّهُ كنائس العالم أجمع، قد كتبه أحد أبناء الكنيسة القبطية العظماء: وهو البابا أثناسيوس.
"الفن القبطى فى مصر"
يعد الفن القبطى رافدا مهما من روافد التنوع الثقافى والحضارى فى مصر، كما يعتبر وريثاً شرعياً للحضارة الفرعونية التى تأثر بها بشدة، ولا يقتصر هذا التأثير على الفن فقط بل على العادات والتقاليد أيضا. فشم النسيم احتفال مصرى فرعونى يحل بحلول فصل الربيع والذى اختلط لاحقا مع عيد الفصح القبطى، إذ اعتاد المصريون جميعا الاحتفال بشم النسيم بمظاهر متنوعة تعتمد على عادات مصرية قديمة.
كما أن الفن القبطى أيضا فن صادر عن الشعب يهتم بالجانب الروحى عبر الأيقونات المصرية والرسومات الجدارية القبطية، فقد اهتم الأقباط بزخرفة الجدران والمحاريب الموجودة فى الكنائس برسوم مستوحاة من قصص الأنبياء والأحداث الدينية، من بينها رسوم للسيدة العذراء والسيد المسيح، والملائكة، والرسل، والقديسين. ويشاع أن (لوقا) هو أول من رسم أيقونة فنية يرجع إليها بداية ظهور الفن القبطى، جسد فيها المسيح طفلا فى حضن أمه العذراء.
ويستعرض تاريخ المتحف القبطى الدور المهم لمرقص باشا سميكة (1863-1944) مؤسس المتحف القبطى بحى مصر القديمة عام 1910، حيث عكف سميكة طوال حياته على إنقاذ الآثار والفنون القبطية من الاندثار، وبفضل جهوده المخلصة فى هذا الاتجاه تضاعفت مقتنيات المتحف القبطى لتصل إلى نحو 16,000 قطعة نادرة لا تقدر بثمن.
كما امتد تأثير الفن القبطى إلى الفن المصرى المعاصر، حيث نجد بعض الفنانين المصريين وغير المصريين قد تأثروا بالفن القبطى فى كثير من أعمالهم مثل الفنان جورج بهجورى ومحمود سعيد وإيزاك فانوس وحلمى التوني.
- نشأ فى العصر القبطى فى مصر فن الموسيقى الكنسى ليساير النزعة الفنية الموسيقية للأنغام المصرية القديمة وما زالت الألحان التى تعزف فى الكنيسة القبطية حالياً تحمل أسماء فرعونية مثل "اللحن السنجارى" وكذلك "اللحن الاتربينى".