الزواج فى مصر القديمة.. عقد مدنى موثق وحقوق فى الميراث والملكية للزوجة

الأربعاء، 27 أغسطس 2025 12:00 م
الزواج فى مصر القديمة.. عقد مدنى موثق وحقوق فى الميراث والملكية للزوجة الحياة المصرية القديمة

أحمد منصور

الزواج  في الحياة المصرية القديمة كان حجر الأساس في بناء الدولة والهوية والثقافة في مصر القديمة باعتباره عقد مدنى موثق وحقوق في الميراث والملكية للزوجة وذلك طبقًا لدراسة للدكتور قاسم زكى عضو اتحاد كتاب مصر.


وأشار الدكتور زكى قاسم، إلى أن الزواج في حضارة مصر القديمة لم يكن مجرد ارتباط اجتماعي بين رجل وامرأة بل كان نظامًا متكاملًا يقوم على أسس أخلاقية ودينية وقانونية تُعبّر عن عبقرية المجتمع المصري القديم في فهمه لطبيعة العلاقات الإنسانية ودوره في صون الأسرة وبناء المجتمع وتحقيق الاستقرار.

الحياة المصرية القديمة
الحياة المصرية القديمة

 

الزواج في مصر القديمة علاقة راقية


وقد نظر المصرى القديم إلى الزواج بوصفه علاقة راقية تتجاوز الغريزة إلى الشراكة ومنفذًا لتحقيق التوازن بين الفرد والأسرة والمجتمع كما دلّت على ذلك النقوش والبرديات ووصايا الحكماء وسجلات المحاكم.
وأضاف الدكتور قاسم زكى، بأن الزواج فى مصر القديمة تميز بالحرية والرضا المتبادل فقد كان ينظر إليه على أنه "عقد مدني" بين طرفين يتم باتفاقهما وتحت إشراف شهود ويُسجل في وثيقة مكتوبة تحدد حقوق كل طرف وواجباته.

عقد الزواج في مصر القديمة


وتظهر بعض البرديات القانونية من الدولة الحديثة وجود عقود زواج تنص على أن الزوج يتعهد بحسن المعاملة وتأمين المسكن والنفقة واحترام الزوجة وأن الزوجة تحتفظ بحقوقها في الميراث والملكية.


ويلقى الدكتور عبد الرحيم ريحان، عالم المصريات، وعضو لجنة التاريخ بالمجلس الأعلى للثقافة، الضوء على هذه الدراسة موضحًا أن فلسفة الزواج في مصر القديمة تمحورت حول "المودة والشراكة" وليس فقط الإنجاب وقد ظهرت هذه القيم جلية في النصوص الأدبية مثل "تعاليم بتاح حتب" و"تعاليم الحكيم آني" التي توصي الرجل بإكرام زوجته ومشاركتها القرار وعدم الإضرار بها في القول أو الفعل.


وتصف إحدى البرديات الزوجة بـ "الرفيقة الأقرب" و"التي تُنير الدار" مما يدلل على رقي نظرة المجتمع للعلاقة الزوجية بوصفها رباطًا إنسانيًا مبنيًا على المحبة والاحترام المتبادل.

وتتجلى عبقرية الزواج في مصر القديمة في مكانة المرأة فقد كانت تتمتع بكامل أهليتها القانونية تمتلك التصرف فى أموالها وطلب الطلاق إذا لزم الأمر وكانت تعامل كطرف مساوٍ للزوج أمام القضاء.

وقد عثر على وثائق تؤكد أن بعض الزوجات كنّ يمتلكن عقارات وأراضٍ ويشترطن في عقود الزواج ضمانات مالية فى حالة الطلاق أو الوفاة وهذا ما يعكس تقدير المجتمع المصري القديم لدور المرأة في الحياة الزوجية والأسرية.

الاستقرار الاجتماعي


وينوه الدكتور عبد الرحيم ريحان إلى أن الزواج في مصر القديمة لم يكن شأنًا فرديًا فقط بل وسيلة للحفاظ على استقرار المجتمع وتوارث القيم فقد كانت الأسرة وحدة أساسية تُبنى على الزواج الشرعي وينشأ من خلالها الأبناء في بيئة مستقرة تربويًا وعاطفيًا.

وكانت العائلة المصرية تتكون غالبًا من الزوج والزوجة والأبناء والجد والجدة مع التزام دقيق برعاية الصغار وكبار السن وكان اسم الأب يضاف دومًا إلى اسم الابن فى السجلات الرسمية مما يدل على قوة الرابطة الأسرية.

وفى البلاط الملكى كان للزواج وظيفة سياسية أيضًا فقد كان قدماء المصريين يبرمون زواجًا استراتيجيًا مع أميرات من النخبة أو من الممالك المجاورة لتعزيز التحالفات ومن أشهر الأمثلة زواج الملك "رمسيس الثاني" من أميرة حيثية مما ساعد على إرساء السلام بين مصر والحيثيين بعد معركة قادش.
وكانت الزوجة الملكية العظمى تحظى بمكانة مميزة وتذكر في النقوش والمعابد وقد تُشارك في الطقوس الدينية أو تمارس السلطة في حال غياب الملك كما حدث مع “حتشبسوت” و”تي” زوجة أمنحتب الثالث.

الطلاق والعدالة

ولفت "ريحان"، إلى أنه رغم تقديس الزواج أقر المصري القديم بإمكانية الطلاق في حال فشل العلاقة وقد عرفت حالات طلاق موثقة بوثائق قانونية يتم فيها تحديد الحقوق والواجبات بوضوح.

وكان الطلاق يتم بإرادة أي من الطرفين دون تشهير أو عنف بل يعامل كحدث طبيعي وتحفظ فيه كرامة الزوجين وهو ما يدل على حكمة المصري القديم في تفادي العداوة والنزاع حتى في لحظات الانفصال.

وانعكست قيمة الزواج في الأدب المصري القديم حيث وجدت قصائد حب غاية في الرقة تصف مشاعر العاشقين وتعبر عن الحنين والشوق والأنس كما ارتبط الزواج رمزيًا بـ "حتحور" و"إيزيس" كرمزين للخصوبة والحماية والوفاء.

وكانت الطقوس الدينية تزخر بصور الزواج المقدس بين الآلهة مما أضفى على الزواج طابعًا روحيًا يعكس التوازن بين الذكر والأنثى والنظام الكوني، وأدى ذلك بالطبع إلى حياة متوازنة نابعة من إدراك المصرى القديم أن الأسرة هى نواة المجتمع وأن الزواج هو حجر الأساس في بناء الدولة والهوية والثقافة فجعل من الزواج رباطًا مقدّسًا يتكئ على العدالة والاحترام والحقوق لا على القهر أو التبعية.




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب