حين نسمع كلمة حرب نتخيل سنوات طويلة من الدماء والمعارك والمفاوضات، لكن التاريخ أحيانًا يكتب فصولًا عجيبة لا تشبه أى توقع، ففى صباح يوم 27 أغسطس من عام 1896م، اندلعت حرب بين بريطانيا وزنجبار، لتسجل فى كتب التاريخ كأقصر حرب عرفها العالم على الإطلاق، لم تستمر تلك الحرب سوى 40 دقيقة فقط، لكنها كانت كافية لإسقاط سلطان، وتغيير موازين حكم، وترسيخ النفوذ البريطانى، فكيف اشتعلت شرارة هذه الحرب؟ وما الذى جرى بين مدافع الأسطول البريطانى وجنود السلطان فى ذلك اليوم الفاصل؟
بداية القصة
القصة بدأت برحيل السلطان حمد بن ثوينى البوسعيدى، الحليف المخلص لبريطانيا، فى 25 أغسطس 1896م، وبمجرد رحيله، أسرع ابن عمه خالد بن برغش بالاستيلاء على الحكم، ضاربًا عرض الحائط بمعاهدة 1886 التى نصت على ضرورة موافقة القنصل البريطانى على أى خليفة يتولى العرش، كان البريطانيون يخططون لتنصيب حمود بن محمد، الرجل الأقرب لهم، فاعتبروا خطوة خالد بن برغش تمردًا صريحًا يستوجب المواجهة.
لم يتأخر الرد على الإطلاق ففى الحال وجهت بريطانيا إنذارًا نهائيًا للسلطان الجديد، تطالبه بالتنازل عن الحكم، لكنه رفض رفضًا قاطعًا، وأخذ يستعد للحرب، فحشد نحو 2800 رجل من الحرس والجنود والمتطوعين، مدعومين بيخت سلطانى مسلح راس فى الميناء، وحصن القصر استعدادًا للمواجهة.
فى المقابل، جهزت بريطانيا ثلاث طرادات وزورقى مدفعية، ودفعت بـ 150 بحارًا من البحرية الملكية و900 جندى زنجبارى موال لها، بقيادة الأميرال هارى راوسون، وعند الساعة التاسعة صباحًا تمامًا، انتهت مهلة الإنذار، وبعد دقيقتين فقط انطلقت أولى القذائف البريطانية باتجاه القصر السلطانى.
المشهد كان سريعا مدفعية القصر دمرت فى دقائق، اليخت السلطانى غرق مع سفينتين صغيرتين، والجنود أصيبوا بالارتباك تحت وابل النيران، واستمر القصف حتى الساعة التاسعة وأربعين دقيقة، ليسدل الستار على حرب لم تتجاوز 40 دقيقة.
نتائج حرب استمرت 40 دقيقة
خسر جيش السلطان نحو 500 قتيل وجريح، بينما اقتصرت خسائر البريطانيين على جندى جريح واحد فقط.
أما خالد بن برغش، فقد فر هاربًا إلى القنصلية الألمانية التى منحته اللجوء، قبل أن ينفى لاحقًا إلى تنجانيقا.
وبانتهاء حرب بريطانيا وزنجبار، نصبت بريطانيا حمود بن محمد سلطانًا صوريًا على زنجبار، لتصبح السلطنة منذ ذلك اليوم تحت النفوذ البريطانى المباشر.