ثمت توجيهات وإرشادات أود أن أشاركها مع أحبائي من فلذات الأكباد، الذين يلتحقون بالجامعة هذا العام، قد تساعدهم في ترتيب أولوياتهم، وتسد سبر غور الاستفهام، وتزيل لديهم بعض الغبن، تجاه مرحلة مفعمة بالنشاط، تعتمد بصورة كلية على تنظيم الذات، وطريق ومسار التفكير، الذي يتبناه كل منتسب للجامعة، تلك المؤسسة التي تجمع ما بين التدريس وطرائقه المبتكرة، والبحث العلمي ذات المنهج الرصين؛ بالإضافة لخدمة المجتمع وفق استراتيجيات متباينة.
في مرحلة التعليم الثانوي، كانت هنالك خريطة واضحة، ترسم بإجرائية ممارسات الطالب؛ حيث حضوره والتزامه ببعض الممارسات، التي يضمن بها أن يكتسب خبرات التعلم النوعية لمقرراته الدراسية؛ ومن ثم تراقب الأسرة، والمؤسسة التعليمية، هذا الأمر عن كثب، ولا تسمح كلاهما بالتهاون حيال ذلك؛ لكن الجامعة تحمل منتسبيها مسئولية هذا التنظيم، وفق رؤيته الخاصة، التي تعينه على تحقيق المرمى؛ لذا نصف اعتماد الفرد على ذاته بالحرية في إطارها المسؤول؛ فكن حريصًا عزيزي الطالب وعزيزتي الطالبة على تبنّي خطة واضحة قابلة للتنفيذ، حتى يتمكن كلٌّ منا من الوصول إلى وجهته التي يريدها.
مقدار التوجيه في مؤسسة الفكر الحر محدود للغاية؛ لأن وصول الطالب للسلم الجامعي يعني أنه مكلفٌ بإدارة شئونه بصورة صحيحة؛ لذا لا تدع أنشطة بعينها تطغى على أخرى، وهنا أقصد بوضوح تجنب الانجراف نحو التسلية على حساب أداء الأنشطة التعليمية؛ فسر التفوق يقوم على فلسفة وعمق الاطلاع والإبحار في مصادر المعرفة؛ حيث إن أستاذ الجامعة يكتشف أصحاب المواهب والنابغين، ومن لديهم حب استطلاع، من خلال المناقشات، والمقابلات، والحوارات، والمنتديات، ناهيك عن بعض التساؤلات، التي تطرح قضايا تحتاج إلى تدبر وتفكر، ناتج عن إطلاع على أوعية المعلومات الموثوقة والموثقة.
تتباين صورة اكتساب الخبرة ما بين المؤسسة الجامعية، ونظم التعليم قبل الجامعي؛ حيث إن الحفظ والاستظهار، يشكل مساحة صغيرة في الأولى، ويحل التفكير السابر وأنماط الابتكار، ومتلون مهارات التفكير العليا، لتشغل حيز اهتمام فلسفة هذا التعليم، الذي لا حدود لوظيفية الخبرات فيه، وإمكانية بناء جسر المعرفة اللامتناهي، ناهيك عن قدح الأذهان، التي تسهم في حل مشكلات، أو قضايا علمية ذات صلة بالتخصصات النوعية؛ ومن ثم يستطيع الطالب الجامعي أن يحدث تغييرًا في خضم نتاجه الفكري، الذى نراه ونرصده في ابتكارات عملية، أو إبداعات نظرية، تتسم بالجدة، والأصالة، ودقة التفاصيل.
العلاقات الاجتماعية داخل أسوار الجامعة لها تفردات، تقوم على وعي الانتقائية للأصدقاء، والتعاون من أجل التفوق الأكاديمي، ناهيك عن الراحة النفسية، التي تساعد في تعزيز العلاقات بين الطلاب، ولا يمكن أن نغفل دور الاندماج عبر الأنشطة المختلفة، ما بين ثقافية، ورياضية، وزيارات ميدانية، تنظمها رعاية الشباب، داخل إطار الكلية الواحدة، وعلى مستوى الجامعة، أو الجامعات، وهذا الجانب لا شك في أنه يسهم في تسريع تبادل الخبرات، واستكمال مراحل بناء الشخصية الجامعية، التي تتحمل مسئولياتها.
حضور المحاضرات، ليس من قبيل الترف، أو التسلية، أو التعرف على الزملاء؛ لكنها أمر ضروري؛ كي تستكشف طبيعة محتوى التعلم، وتتعرف على أفكار جديدة، يلهمك بها أستاذك، داخل قاعات الدراسة، والمعامل المختبرية، وبغض النظر عن صورة الإلزام التي تفرضها بعض المؤسسات الجامعية من عدمه، إلا أن الحضور يزيد من مقدرتك عزيزي الطالب على المناقشة والحوار، ويمكنك استثمار ما لديك من ملكات، بل وتصبح موفقًا في توظيف طاقتك، وإدارة مواقيتك اليومية؛ بالإضافة إلى عمق تناول المادة الدراسية، من حيث المحتوى وتفاصيله، التي تعتمد على أطروحات الفكر ونتاج يوصف بالابتكار.
عادات الاستذكار الصحيحة، يفضل الحرص على استدامتها؛ كي تتجنب سلبيات السهر المفرط، وتعتاد على تناول المنبهات، التي تضير بالصحة العامة، وهناك أمر لا بد أن تدركه يتمثل في تبنيك لخريطة التفوق ليس الأكاديمي فقط، بل، شتى الجوانب؛ فتتضمن بكل وضوح تقدمًا علميًا، وتعزيز للعلاقات الاجتماعية الصحيحة، واكتساب خبرات سوق العمل بمهاراته المتفردة، ولا أخفيك سرًا بأن التمكن من المهارات التقنية واللغوية باتت مفتاحًا سحريًا لبوابة واحة العمل، وبناءً على ذلك جد واجتهد وأسأل لتتعلم ولا تتكاسل، وكن فخورًا ببلدك واثقًا بأنك سوف تكون في الصدارة.. ودي ومحبتي ولطني وللجميع.