نازك الملائكة.. الكوليرا دفعتها لتحرير القصيدة وبناء الشعر الجديد

كانت ريادة الشعر الحر أو شعر التفعيلة بين بدر شاكر السياب ونازك الملائكة التي تحل اليوم ذكرى ميلادها فيقول البعض إن نازك البادئة بالشرارة الأولى لشعر التفعيلة والتمرد على الشعر العمودى بينما يشير آخرون إلى السياب وأرجح أنها نازك لكونها تأثرت أكثر من السياب بالشعر الغربي والتأثيرات الرومانسية لشعراء الحداثة الغربية وهنا لا يمكن نزع الشكل عن المضمون إذ المحرك الرئيس للشعر الحر كفكرة هو نسبة الشعور إلى النظم فلما زاد الشعور عن النظم فاق الحد فاختل الوزن وانهزمت القافية وكتبت نازك الملائكة قصيدة الكوليرا عام 1947.

يقول زكى نجيب محمود في كتاب وجهة نظر: المقصود بالشعر الحديث في هذه المقالة هو هذا الذي لا يزيد عمره على ستة عشر عامًا، إذ يجري عرف بين أصحابه أن أول غارس لأول بذرة من بذوره هو بدر شاكر السياب بديوانه أزهار ذابلة الذي أخرجه سنة 1947، وقد يذهب بعض هؤلاء إلى أن صاحبة البذرة الأولى هي نازك الملائكة بقصيدتها الكوليرا التي نشرتها سنة 1947 كذلك، وإذن فلا اختلاف بينهم على مولد هذا الشعر الحديث من حيث التاريخ.

ويكشف محمد عبد المطلب في كتاب قراءة الشعرالصادر عن الهيئة المصرية للكتاب للناقد الدكتور محمد عبد المطلب،  أن قصيدة الكوليرا مبنية على  السماع إذ كانت الإذاعة المسموعة تذيع أنباء انتشار الكوليرا في مصر، وكيف أن ضحايا الوباء يتكاثرون يوماً بعد يوم، ومع ازدياد أعداد الضحايا دخلت الشاعرة حالة مأساوية هيأتها للتعبير عنها شعريا فكان شكل ذلك التعبير مناسبا لما أحسته الشاعرة ولصوتها الشعرى الخاص.

تقول نازك الملائكة في القصيدة الشهيرة:
سكن الليل
أصغِ إلى وقع صدى الأنات
في عمق الظلمة، تحت الصمت، على الأموات
صرخات تعلو، تضطرب
حزن يتدفق، يلتهب
يتعثر فيه صدى الآهات

تقول فى قصيدة أنا التى صدرت فى لاعام التالى لقصيدة الكوليرا عام 1948

الليلُ يسألُ مَن أنا
أنا سرُّهُ القلقُ العميقُ الأسودُ
أنا صمتُهُ المتمرِّدُ
قنّعتُ كنهي بالسكونْ
ولففتُ قلبي بالظنون ْ...
الريحُ تسألُ مَنْ أنا
أنا روحُهَا الحيرانُ أنكرني الزمانْ
أنا مثلها في لا مكان..