اجتماع الأحد الماضى الذى عقده الرئيس عبد الفتاح السيسى مع القيادات الإعلامية التنفيذية فى الاعلام المطبوع والاعلام المرئى وما تناوله من توجيهات رئاسية للتغيير والتطوير كان محط اهتمام كبير ليس فقط من العاملين والخبراء والمتخصصين فى العمل الإعلامى فى مصر وانما اهتمام من الناس كافة التى اعتبرت ما أسفر عنه الاجتماع عاكسا لرغبات وأمنيات ومؤكدا لمناشدات ومطالبات لاستعادة الاعلام المصرى بتنوعاته مكانته التى تليق به وتبوأه مقعد الريادة والقيادة الإعلامية فى عالمه العربى ومواكبة التطورات فى الاعلام الدولى وفى منصات الاعلام الجديد فى " السوشيال ميديا" استنادا الى ارث تاريخى ضخم يعود الى منتصف القرن التاسع عشر ومخزون حضارى وابداعى مهول فى كافة المجالات.
لكن كيف يمكن تحقيق التطلعات الى الاعلام الذى نريده ويريده الرئيس ..اعلام يعكس الهوية المصرية ويدافع عنها ويحافظ عليها من التشوهات الفكرية والتخريبية.. اعلام يعبر عن هموم وقضايا المواطن والوطن ويتسع للجميع على أرضية القضية الوطنية..؟
اجتماع الرئيس السيسى لم يقتصر فقط على ضرورة وضع " خارطة طريق" جديدة للإعلام المصري، فقد قدم هدايا انتظرها الاعلاميون والصحفيون وتحولت الى " أزمة" ومشكلة حقيقية ومصدر ازعاج للقيادات الإعلامية وهى أزمة البدل النقدى للصحفيين ومشكلة مكافأة نهاية الخدمة للعاملين فى ماسبيرو. فقد وافق لرئيس على صرف البدل النقدى المقترح للصحفيين وحل مشكلة مكافأة نهاية الخدمة.
الرئيس حدد معالم خارطة الطريق للإعلام ودوره الحيوى فى :
• بناء الشخصية الوطنية
• تشكيل وعى المواطنين وتعريفهم بالمستجدات والتطورات المحلية والعالمية
• ابراز ما تحقق من إنجازات
• الارتقاء بالذوق العام
• ترسيخ القيم والثوابت الاجتماعية
• اعلاء حرية التعبير واحتضان كافة الآراء الوطنية ضمن المنظومة الإعلامية المصرية، بما يعزز من التعددية والانفتاح الفكري.
• الاستعانة بكل الخبرات والكفاءات المتخصصة، بما يضمن مواكبة الإعلام الوطنى للتغيرات المتسارعة التى يشهدها العالم، ويُمكنه من أداء رسالته بما يتماشى مع توجهات الدولة المصرية الحديثة والجمهورية الجديدة.
• اتاحة البيانات والمعلومات للإعلام، خاصة فى أوقات الأزمات التى تحظى باهتمام الرأى العام، حتى يتم تناول الموضوعات بعيداً عن المغالاة فى الطرح أو النقص فى العرض.
• أهمية الاعتماد على الكوادر الشابة المؤهلة للعمل الإعلامي
• تنظيم برامج تثقيفية وتدريبية للعاملين فى هذا المجال
• التركيز على مفاهيم الأمن القومي، والانفتاح على مختلف الآراء، بما يرسخ مبدأ “الرأى والرأى الآخر" داخل المنظومة الإعلامية.
احدى عشر مقترح أو توجيه رئاسى يضع الأسس السليمة لمنظومة الاعلام فى مصر للمرحلة الحالية والمقبلة يبدو من خلالها أن هناك ضرورة لتصحيح المفاهيم والمعادلات الإعلامية التى أصابها الخلل خلال الفترة الماضية والعودة الى الهدف الأسمى والقاعدة الأساسية وهى " الرسالة الإعلامية ذات المحتوى والمضمون المفيد والراقي" وليس الاعلام السلعة الذى يتجاهل دوره ورسالته فى بناء وتوجيه وانضباط المجتمع ووظيفته فى التوعية والتثقيف والترفيه أيضا
الاعلام المطلوب فى المرحلة المقبلة هو اعلام التنوع والاستيعاب والاحتواء دون اقصاء أو ابعاد وهو ما عبر عنه وفسره الأستاذ أحمد المسلمانى رئيس الهيئة الوطنية للإعلام فى حواره مع نشرة التاسعة بالتليفزيون المصرى فليس " كل حد يرتكب خطأ من المذيعين أو الإعلاميين يتم التنكيل بيه من المسئولين، وبالتالى استيعاب المعارضة السياسية فى مصر أمر مطلوب ومهم طالما على أرضية وطنية وفى إطار ثوابت الدولة المصرية".- أو هكذا قال-
المسلمانى لخص وأوجز ما جاء فى اجتماع الرئيس السيسى بادراك واهتمام القيادة السياسية بإعادة صياغة القوة الناعمة لمصر وتعظيم دورها فى الداخل والخارج. ففى الداخل هناك دورا حيويا للتوعية والتثقيف فكما قال المسلماني:" فالرئيس لايريد شعبا مغيبا أو جاهلا بل شعبا مثقفا وواعيا" بالتالى هناك دور للنخبة المثقفة المصرية بمختلف انتماءاتها وتوجهاتها الوطنية فى خارطة الطريق الجديدة للإعلام المصرى واستيعاب الجميع، فالاختلاف فى الرأى والتنوع فى الرؤى يخلق مناخ اعلامى صحى ويعزز ثقة الناس فى الاعلام وهو اختلاف مفيد، فالإعلام الحقيقى والصادق والمتنوع هو سندا للقيادة والحكومة وداعما لها وذراعها القوى فى مواجهه التحديات التى تواجه مصر داخليا وخارجيا
الاعلام الذى نريده فى خارطة الطريق الجديدة هو اعلام المنح وليس المنع...اعلام بناء وليس هدم وتخريب ...اعلام صناعة الوعى وليس تدمير أمة...اعلام استيعاب للرأى والرأى الأخر وليس اعلام الاقصاء والابعاد... اعلام يواجه بالحقائق والمعلومات ويدافع عن الهوية الوطنية وثوابت الشخصية المصرية دون تجاوز أو مبالغة وتهويل...اعلام منحازا لقضايا وهموما المواطن.. اعلام يقدر ويعتمد على الكفاءات والكوادر المدربة والواعية... اعلام يحقق المعادلة المطلوبة فى التوازن بين الحرية المسئولة من جانب والانضباط والانفلات من جانب آخر.
الاعلام الذى يريده الرئيس ووجه به فى اجتماع الأحد هو الاعلام الذى يريده الجميع.