عصام محمد عبد القادر

ترند العنف

الثلاثاء، 08 يوليو 2025 04:37 ص


عندما ينشغل الرأي العام بقضية ما، وتتصدى لها مواقع التواصل الاجتماعي، شديدة الانتشار؛ حيث يزداد البحث عنها بكلمات دِلالية، تصبح محتوى رائجًا، يسمى بالترند "Trend"، وهنا نتحدث عن اهتمام متباين من قِبل الأفراد، والجماعات، حيال ما انتشر على الفضاء الرقميّ لفترة زمنية محددة، وهنا نتحدث على ردود أفعال، أو استجابات مختلفة، وفق ما تكوّن لدى الفرد من بنى معرفية، قد حدَّدت الاتجاه لديه.


الطبيعة الإنسانية السَّوية، ترفض بشكل قاطع صور العنف، التي تلْحق الأذى بالآخرين، أو تضير بالممتلكات، أو تؤدي إلى التهديد، والترهيب، والخوف على مستوى الفرد، أو الجماعة؛ ومن ثم فإنه يُوْلى شغفًا، واهتمامًا بمتابعة ما يبث من تلك النماذج الفجَّة عبر الشبكة الدَّوْلية للمعلومات؛ حيث يمتلك الغالبية حسابات الوُلوُج إلى مواقع التواصل الاجتماعي؛ ومن ثم لا يتوق

ف الأمر عن المشاهدة، أو المشاركة؛ لكن هنالك حرص شديد تجاه التعليقات، التي تعبّر عن اتجاهات الرأي العام بشكل تقريبيّ تجاه المحتوى الرائج.
نتفق على أن العنف، ومظاهره المختلفة، يدل على سلوك غير مرغوب؛ ومن ثم يتزايد الإقبال على مشاهده من قِبل الكثيرين، عبْر الفضاء الرقميِّ، الذي بات ينقل الحدث صوتًا، وصورة، وفق ماهيَّة التفاعليَّة، التي تجعل المتلقي في قلب المشْهد؛ لذا يحتل الترند الخاص بالعنف، حيّزًا كبيرًا من الاهتمام الجماهيريّ، عبر التقنية الرقميَّة، وفي الحقيقة يشكل هذا تهديدًا مباشرًا لقيمنا المُجتمعيَّة، التي تحثُّ على السَّماحة، والتفاهم، وتعزّز فلسفة التعايش السِّلميّ.


ترند العنف يشّكل خطرًا على تفكير، ومُمارسات الأبناء دون جدال؛ لذا يتطلب ذلك أن نتصدى له، بمزيد من البرامج التوْعوية، والإرشاديّة، التي تُحلّل الحدث، وتظهر سلْبياته، وتؤكد على ما يتطلب القيام به، وتوضح ما يترتب عليه من آثار، وتشير إلى العقوبات الرادعة، التي تنتظر مَنْ يُمارس العُنف، بعيدًا عن مشْروعيَّة الدفاع عن النَّفس، وهذا في مُجْمله يساعد في تشكيل وعي صحيح، تجاه هذا المحتوى الرائج؛ ليدرك الفردُ أن القيم الحميدة هي الأُنْموذجُ الناجعُ، والأمْثل، الذي ينبغي أن نتصف بها.


دعونا نتبع استراتيجية المواجهة، ولا نمتطي جَواد الهروب من الواقع الأليم؛ فهناك خبراء متخصّصون، يستطيعون أن يقدموا لنا التوجيه، والإرشاد، والعلاج؛ لنقفَ عند سياسة السَّيطرة الإيجابية على الظاهرة؛ فنعمل على الحدّ منها؛ كي تنْحسرَ، ونتخلّص من تبعاتها، ونضمن ألا تتكرّرَ مرة أخرى؛ لنستفيدَ من ترند العنف؛ حيث يخلق أمامنا فرصة حقيقية؛ لتنمية الوعي الصحيح، وتصْويب الفكر المشُوب، الذي يحضُّ على انتهاج لغة القهر، والإجبار، وأخذ الحقوق بالقوة المُفٓرطة؛ فهذا قطعًا يولّد الكراهية؛ ومن ثم يذهب بالسِّلْمية، والسلام المجتمعيّ أدْراج الرياح.


تعالوا بنا نسْتثمر ترند العنف المجتمعيِّ، من خلال التأكيد على ثمرات التنْشئة السَّوية، التي تنسدل من معتقداتنا الوسطيَّة، وما بها من قيم نبيلة، وأخلاق فضيلة، تحثنا على الاحترام المتبادل، وحسن المعاملة، والاعتراف بالخطأ عند الوقوع فيه، وتقويم الذات، اعتمادًا على مبادئ مجتمعية، تتسم بالشفافية، ناهيك عن تقبل بسطة وسيادة القوانين، والتشريعات، التي تضمن أمن، وأمان المجتمع، وتحفظ الحقوق، وتصون المقدرات، وتؤكد على إطار التعاملات الحميدة، التي قد نصَّت عليها أصول التربية، بمؤسساتنا المعنية بهذا الأمر.


يصعب أن نتجاهل سلبيات المحتوى العنيف، الذي يبث بصورة مقصودة وغير مقصودة، في وسائل الإعلام، من خلال الأفلام والمسلسلات، وكافة ألوان الفن، التي تتناول بالعرض صور هذا السلوك غير القويم، ناهيك عما يذاع من لقطات صعبة عنيفة، من خلال المشاهد التي تبث عبر مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، والتي تظهر العنف في صوره المقيتة، على مستوى الفرد، أو الجماعات، وهذا يجعلنا نهرْول تجاه مؤسسات بناء الإنسان؛ كي ننشر ثقافة السلام بين أطياف المجتمع، ونتمسّكُ بقيمنا الجميلة، ونُكثّفُ من خلال منابرنا الإعْلاميَّة، ما يغيّر من الصورة الذهنيَّة للعنف والعدوان، ويستبدلها بفضائل، تعمل على تعظيم العلاقات الطبيَّة بين الناس.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.

أستاذ ورئيس قسم المناهج وطرق التدريس
كلية التربية بنين بالقاهرة _ جامعة الأزهر

 




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب



الرجوع الى أعلى الصفحة