السيد زيادة

اللي اختشوا ماتوا

الخميس، 31 يوليو 2025 07:55 م


في مشهدٍ عبثيّ لا يخلو من الوقاحة السياسية والانحطاط الأخلاقي، يقف الصهاينة وعملاؤهم أمام السفارات المصرية، يرفعون شعارات جوفاء، ويتظاهرون زورًا وبهتانًا، وكأن مصر هي من تمارس القتل والحصار والتجويع في غزة! هذه التظاهرات، التي تنفَّذ في تل أبيب وبعض العواصم الغربية، ليست دعمًا لغزة، بل خيانة للحقائق وخدمة مباشرة للاحتلال.

هل نسي هؤلاء ، أو تجاهلوا عمدًا ، أن الاحتلال الإسرائيلي هو من يحاصر غزة منذ أكثر من 17 عامًا؟ وهو من يقصف ليلاً ونهارًا وينفذ الإبادة الجماعية، ويجعل من المعابر مصائد موت، ويستخدم التجويع كسلاح. ومع ذلك، يصرّ هؤلاء المتظاهرون على تصدير الاتهام لمصر، متماهين تمامًا مع الرواية الإسرائيلية التي تحاول التهرّب من مسؤوليتها عن الإبادة الجماعية فى غزة.
 

تحريض مقصود... لا جهل بريء

دعونا لا نخدع أنفسنا بالقول إن هؤلاء المتظاهرين "لا يفهمون الواقع" أو أنهم "مغلوبون على أمرهم". فالكثير منهم، خاصة المنظّمين في تل أبيب، يدركون جيدًا ماذا يفعلون: هم يسعون لتحويل غضب الشارع عن العدو الحقيقي، نحو الدولة العربية الوحيدة التي لا تزال تحاول فتح نافذة إنسانية لغزة، رغم كل التحديات.

إن ما يحدث هو تحريض صريح، يتعمد تشويه مصر وتوريطها أمام الرأي العام العالمي، بهدف تخفيف الضغط على الاحتلال وشيطنة الدولة التي ما زالت تحافظ على الحد الأدنى من الالتزام القومي تجاه الفلسطينيين.

في المقابل، لا يمكن إنكار أن هناك تظاهرات صادقة وشريفة خرجت بالفعل في عدة عواصم عالمية، ووجّهت سهام غضبها نحو الاحتلال وداعميه، وليس نحو مصر، هذه التظاهرات الحقيقية، كانت صوتًا حرًا للحق الفلسطيني، فطالبت بوقف الإبادة الجماعية، وفضحت الدول التي تمدّ الاحتلال بالسلاح.

لكن هذه الأصوات المخلصة، للأسف، تُزاحمها حملات مشبوهة تحاول أن تحوّل بوصلة المعركة، وتزيّف وعي الشعوب، وتستخدم القضية الفلسطينية كسلاح دعائي ضد مصر.

بدل التظاهر أمام مصر... لماذا لا تواجهون الاحتلال؟

لماذا لم يخرج هؤلاء الصهاينة ومن سار خلفهم ليتظاهروا أمام سفارات المحتل، من يمارس القتل والتجويع والقصف؟ لماذا لم يصرخوا في وجه داعميه من دول الغرب الذين يمدونه بالسلاح والغطاء السياسي؟ لماذا لم نرَ مظاهراتهم أمام البيت الأبيض أو الكنيست أو مقرات الشركات التي تزوّد الاحتلال بالطائرات والذخائر؟

الجواب واضح: لأن الهدف لم يكن التضامن مع غزة، بل استهداف مصر. لم تكن تلك التظاهرات نابعة من ضمير إنساني، بل من أجندات خبيثة، تريد تبرئة المحتل وتوجيه الغضب نحو من يحاول، رغم الصعوبات، إنقاذ ما يمكن إنقاذه.

من السهل جدًا على المتظاهر الجاهل أن يصرخ أمام سفارة، ويطلب "فتح المعبر" دون أن يعرف أن معبر رفح من الجهة المقابلة محتل بالكامل من قبل الجيش الإسرائيلي. دبابات، طائرات، قناصة، ونقاط مراقبة إسرائيلية تطوّق كل شبر من الحدود، وتقصف كل تحرك إنساني أو لوجستي.

مصر لم تغلق المعبر من جانبها، بل سمحت بمرور المساعدات وعملت على إجلاء المصابين. لكن الاحتلال هو من يقصف الطرق المؤدية، ويمنع التنسيق مع المنظمات الدولية، بل ويستخدم القصف كرسالة تهديد لكل تحرك إنساني.

الذين يستخدمون التجويع في غزة كأداة للتظاهر للهجوم على مصر، لا يناصرون أهل القطاع بل يطعنونهم في الظهر. فبدلًا من تحميل العدو المسؤولية، يهاجمون من يحاول أن يمدّ يده بالإغاثة. إن توظيف معاناة المدنيين في معارك سياسية رخيصة ضد مصر لا يمكن وصفه إلا بالخسة، سواء صدر من صهيوني حاقد أو ناشط جاهل.

نعم، من يهاجم مصر اليوم هو بشكل مباشر أو غير مباشر، يبرئ الاحتلال من جرائمه. هو يرفع العبء عن مجرم الحرب، ويصب الزيت على نار معاناة الفلسطينيين. من أراد نصرة غزة بحق، فليصرخ في وجه من يقصف، لا من يحاول إنقاذ ما يمكن إنقاذه.

وليعلم كل من شارك في هذه التظاهرات أو أيّدها أو صمت عنها: أن التاريخ لن يرحم الخونة ولا الجهلاء حين يصطفّون ،عن وعي أو غباء، في خندق الاحتلال.




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب



الرجوع الى أعلى الصفحة