محمود عبدالراضى

معاركنا المجانية.. خسارة بلا مقابل

الأحد، 20 يوليو 2025 09:35 ص


في زمن أصبح فيه الفضاء الرقمي مسرحًا مفتوحًا لكل الأفكار، لا يسعنا إلا أن نتساءل: لماذا نخسر علاقاتنا في معارك مجانية لا طائل منها؟ معارك تنشب بسبب كلمة، أو وجهة نظر تختلف عن الآخر، أو حتى بسبب "بوست" بسيط على فيسبوك، يتحول إلى حرب أهلية بين الأصدقاء والأقارب والزملاء، ما هذه السرعة التي نطرد بها من كان بالأمس صديقًا أو قريبًا، وكأننا نوزع أحكام الإعدام بعيني مغلقة؟

المعركة المجانية، كما يسمونها، ليست حربًا حقيقية، بل هي نزاع بلا رصيد، نزيف للعلاقات، يُبذر فيه الغضب والعتاب بلا حساب، ويُقفل فيه باب الحوار بلغة العقل، ويفتح باب الشتائم وسيلان الكلمات الحادة كالسكاكين.

ننسى أن الحياة أوسع من شاشة صغيرة، وأن الاختلاف ليس جريمة، بل هو ملح الحياة وروح التنوع.

في غياب الحكمة، تذهب قيم الصداقة، وتذوب روابط الأهل، ونخسر أكثر مما نكسب.

لماذا أصبحنا نخسر بهذه السهولة؟ هل هو الانفعال المفرط، أم ضعف الصبر، أم أن الغضب أصبح سلعتنا اليومية التي نستهلكها بلا وعي؟

في الحقيقة، الأمر يحتاج إلى رزانة، وصبر، وإدراك أن كلمة واحدة خاطئة قد تُسقط جسرًا بناه سنوات، نحن في حاجة إلى أن نسمع أكثر مما نتكلم، وأن نتعلم كيف نحتمل الآخر، ونحتضن الاختلاف لا نُقاتله.

ربما يحتاج كل منا أن يتوقف لحظة، يعيد حساباته، يُفكر هل هذه المعركة تستحق أن أخسر بسببها صديقًا، أخًا، أو حتى معرفة؟ الحياة تتسع للجميع، ولآرائنا، ولأفكارنا، ولكنها لا تسع للمشاحنات التي تصنع جدرانًا من العزلة بدلًا من جسور التواصل.

في النهاية، المعارك المجانية تفرّق لا تجمع، تضعف لا تقوّي، وأجمل ما يمكن أن نقدمه لأنفسنا وللآخرين هو الصمت الحكيم، والكلمة اللطيفة، والتفهم العميق، فلنكن أذكياء بما فيه الكفاية لنختار معاركنا بعناية، لا أن نُكلف أنفسنا خسائر بلا معنى.

 




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب