إذا ما تأملنا سريان الحياة السياسية في الدول المتقدمة، فإننا نرصد حالة من الاستقرار، والانسيابية، في كافة الاستحقاقات الانتخابية، كما يسهم ذلك في تعزيز مؤسسات الدول، على أن تؤدي ما يُناط بها من مهام نوعية، قد حددتها اللوائح، والتشريعات، وضمنها الدستور العام؛ ومن ثم فإنها تتجاوز كافة التحديات، التي تعرقل مسيرتها؛ فالتضافر، والتكاتف؛ من أجل تحقيق الغايات العُلْيا، شعار راقٍ، يصدقه الفعل والقول على السواء.
الاستقرار السياسي، يرتبط دون مواربة بأُطر التنمية في مجالاتها المختلفة؛ حيث إن إدراك الجميع بالحقوق، والواجبات، يؤدي إلى السير قُدما في تحقيق نتاجات لها طابع الجودة؛ ومن ثم تحتل تلك الدول مكانتها المستحقة، في العديد من المجالات، التي تأخذ الاهتمام، والرعاية في إطار شراكة حقيقية بين كل من الدولة، والمواطن؛ فنرصد ريادة غير مسبوقة في المجال الصناعي، أو الزراعي، أو التقني، أو غيرها من المجالات، التي تتفرَّد بها كل دولة على حدة.
السياسة في حد ذاتها تستوعب أحلامًا، وآمالاً، وطموحات، وتطلعات المواطن، وتعمل في ضوء أجندتها على تحقيقها في أرض الواقع؛ ومن ثم فإنها تستعين بأصحاب الخبرات، الذين يقدّمون كل ما من شأنه أن يؤدي إلى بلوغ الازدهار، والتقدم في كل مجال من المجالات التنموية؛ لذا فقد أضحت العلاقة وثيقة؛ فمن يصنعْ القرار، يستطعْ عبر بوابة الديمقراطية المسئولة، أن يتخذه في ضوء ما يحقق المنشود منه، وهنا تزداد معدلات الثقة بين المواطن، ومن يكلف بأعمال السياسة بتنوعاتها، وتخصصاتها، على المستويين، الداخلي والخارجي.
المجتمعات المتقدمة، تعي مليًّا أن حالة الاستقرار تسهم في طمأنة المستثمر؛ كي يضخُّ ما لديه من أموال؛ بُغْية الاستثمارات، التي تعود بالنفع على طرفي المعادلة؛ فهناك الدولة التي توفر مقومات هذا الاستثمار؛ حيث توفير البنية التحتية، وصور الخدمات، التي تساعد في تسويق المنتج، وشتَّى صور الدعم اللوجستي، الذي يسهم في نجاح القطاعات الاستثمارية، يُضاف إلى ذلك مرونة الإجراءات، التي تُعد جاذبة للعملية الاستثمارية بربوع الأوطان، ناهيك عن المناخ الاجتماعي، الذي يستوعب، ويرحب بالمستثمر؛ نتيجةً لإدراكه بصور النفع المباشر، الذي يعود عليه، وهناك أيضًا مرونة السياسات، التي من شأنها أن تُحْدِث نقلات نوعية في هذا المجال، الذي يُعدُّ رافدًا للدخل القومي للبلاد.
في المقابل هناك دولٌ تعاني كثيرًا من صور التوترات، والاضطرابات؛ نتيجةً للخلل السياسي، الناتج عن غياب الرؤية، وحالة التوافق، حول مصالح الدولة العُلْيا، بالإضافة إلى أصحاب الأجندات الخاصة، الذين يقوِّضون دومًا المسار السياسي في إطاره الصحيح؛ ومن ثم تزداد حالة النزاعات، والخلافات، التي تخلق مناخًا طاردًا للاستثمارات بكل أشكالها؛ لذا فقد باتت المشاركة الانتخابية، في الدول الديمقراطية بوابة للتنمية؛ لتُصْبحَ قادرة على تجاوز الأزمات، والتحديات، وتستكمل طريقها نحو نهضتها.
الوعي بالمشاركة الانتخابية ليس من قُبيل الترف في تلك الآونة المُفْعمة بالتحديات، والتغيرات الاجتماعية، والسياسية، والاقتصادية في العالم بأسره؛ ومن ثم فإنه ينبغي علينا أن ندرك أن التنمية بكل أنماطها، ومجالاتها، مرهونة بتحقيق الاستقرار السياسي في بلادنا الحبيبة، وأن الانتخابات تُعدُّ الملاذ الآمن؛ لبلوغ الديمقراطية، وممارسة الحرية في صيغتها المسئولة، والمشروعة؛ فنحن مجتمع يتسم بالاندماجية، والتوافقية في سبيل بلوغ أهدافنا، ولا نتقبل من يحاول تفتيت لُّحْمتُنا ، أو يسطو على خصوصيتنا، أو يستحوذ على فكر أبناء الأمة المصرية.
المناخ الديمقراطي، يصعب أن يتوافر بعيدًا عن مشاركة حقيقية في ميدان العمل السياسي؛ فالانتخابات صورة تؤكد نضج المجتمعات، وترسّخ فكرة تدوير، وتبادل السُّلْطة في إطار الشريعة، التي قد أقرَّتها دساتير الديمقراطية في بلاد العالم المتقدم قاطبةً؛ ومن ثم يُعدُّ التصويت الانتخابي فرض عين، على كل مواطن يحب وطنه، ويبذل الجهود الحميدة من أجله، ويحلم بنهضة مستدامة، تخلق حياةً كريمةً لشعبه.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.