ليس كل من يبتسم لك يُحبك، وليس كل من يُصفق لك ينتظر نجاحك، فبعض القلوب، حين تعجز عن مجاراتك، تحاول تشويهك، لا لأنها تكرهك، بل لأنها لا تستطيع أن تكونك، هؤلاء هم النسخة المهزوزة من العدو، لا يواجهونك بالحجة، بل يلاحقون ظلك بالهمز واللمز.
هم لا يرون فيك إنجازًا، بل يرونه تذكيرًا دائمًا بعجزهم، أنت مرآة مؤلمة، لا لأنك تُظهر عيوبهم، بل لأنك تُبرز تفوقك، فيقررون كسر المرآة بدل إصلاح ما فيها، يتسللون إلى المجالس، ويعقدون المحاكم الغيابية، يوزّعون التهم بلا دفاع، ويُدينونك أمام من لا يعرفونك، لأنهم يعلمون أنك، إن حضرت، سقطت دعاواهم.
يحكون عنك ما لم تقله، وينسبون إليك ما لم تفعله، ويرسمونك بألوان مشوهة، لأن نورك يُحرق أعينهم، لا يريدون منك أن تخطئ، بل يبحثون عن فرصة ليلصقوا بك خطأ، لأنهم ببساطة لا يملكون ما يُنافسك، فيخترعون ما يُقلّلك.
هم لا يهاجمونك لشيء فعلته، بل لما أنت عليه، فأنت ذكاء يزعج غبائهم، ونجاح يُغضب فشلهم، وصوت يعلو فوق صمتهم، وحضور يُطفئ ظلالهم، يركضون خلفك، لا ليلحقوا بك، بل ليقطعوا عليك الطريق، فإن عجزوا، عادوا إلى الخلف، يرمون حجارة من ظنّوا أنه لن يلتفت.
لكن ما لا يعرفونه، أن الجبال لا تنحني للريح، وأن السماء لا تتسخ بالغبار، من يعرف قيمته، لا يُرهقه كلام من لا يعرف قدره، فقط امضِ كما أنت، فكلما ارتفع صوتهم، ارتفع صيتك، وكلما اتسعت حملاتهم، ضاقت أعذارهم.
احذرهم، لا لأنهم أقوياء، بل لأنهم ضعفاء يختبئون في ثياب النقد، لا تقاتلهم، دع نجاحك يرد، لا تبرر، دَع سيرتك تتكلم، فالناس أذكى مما يظنون، والحق، وإن تأخر، لا يغيب.
إنهم لا يستطيعون أن يصبحوا مثلك، فقرروا أن يشوهوك، لا تمنحهم فرصة، ولا تأخذ منهم رأيًا، فالشجرة لا تسأل الريح: هل أحببتِني؟ فقط تبقى شامخة، وتثمر.