مع اقتراب موعد انتخابات مجلس الشيوخ، تعود جماعة الإخوان الإرهابية إلى سلاحها القديم والمفضّل والمتمثل فى الشائعات. في كل استحقاق سياسي تمر به الدولة المصرية، تُطلق الجماعة موجة منظمة من الأكاذيب التي تستهدف زعزعة الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة، مستخدمة أدوات الحرب النفسية عبر منصات التواصل ومنابر إعلامية خارجية تخدم أجندات مشبوهة.
الجديد في الأمر ليس في طبيعة الأكاذيب، بل في توقيت تصعيدها؛ إذ يأتِي هذا وسط تحديات كبيرة تواجهها مصر، على رأسها ضغوط اقتصادية عالمية، وأزمات إقليمية معقدة، وتحولات سياسية داخلية تستهدف بناء جمهورية جديدة قائمة على المؤسسات والتعددية. وهو ما يزعج الجماعة، ويجعلها تسعى بكل طاقتها لإفشال أي تقدم سياسي أو ديمقراطي من خلال محاولة لخلق فوضى معلوماتية تُربك الرأي العام.
لكن الدولة المصرية لم تعد تواجه هذه الأكاذيب بالصمت كما في السابق، بل بات لديها أدوات قوية للرصد والرد والتفنيد. فمع تفعيل دور الهيئة العامة للاستعلامات، والهيئة الوطنية للانتخابات، ووسائل الإعلام الوطنية، أصبح من السهل فضح هذه الحملات وكشف مصادرها. كما أن الوعي الشعبي أصبح أكثر صلابة، وهو ما أثبتته استحقاقات سابقة شهدت مشاركة فعالة رغم كل محاولات بث الشكوك.
ربما ما يُزعج الجماعة أكثر من مجرد إجراء انتخابات، هو أن الشعب المصري ما زال يُصر على أن يكون له صوت. أن يقف أمام الصندوق ويدلي برأيه بحرية، رغم ما يعانيه من أعباء، ورغم محاولات التشويش. وهذا في حد ذاته رد عملي على من يظن أن ذاكرة الشعوب قصيرة أو أن التجربة مع الإخوان قد تُنسى بسهولة.
لقد كشفت تجربة حكم الإخوان عن وجه التنظيم الحقيقي: الإقصاء، استغلال الدين، العبث بمؤسسات الدولة، وتوظيف الخطاب الديني لتبرير الفشل. واليوم، مع كل استحقاق جديد، يحاولون العودة من بوابة الأكاذيب والشائعات، بعد أن فقدوا كل أدوات التأثير المباشر.
في النهاية، تبقى معركة انتخابات مجلس الشيوخ أكبر من مجرد اختيار مرشحين. إنها معركة إثبات إرادة، وتأصيل لفكرة الدولة القوية المستقرة، ومواجهة مفتوحة مع من يحاول جرّ مصر إلى الوراء. وصوت المواطن اليوم لا يُحسب في صندوق فقط، بل يُسجل موقفًا وطنيًا ضد من أرادوا كسر الدولة وتفتيت وعي شعبها.
المعركة الحقيقية اليوم هي معركة وعي، والرد على الشائعات يبدأ من وعي الناس وقناعتهم بأن مصر لن تُهزم طالما ظل شعبها واعيًا بمَن يحاولون هدمها، وبمن يعملون على بنائها.