عادل القليعى

أيا إرادتنا الخيرة.....هل ستثبتين أمام عالم متغير؟.!

السبت، 07 يونيو 2025 04:33 م


لا زلت أكرر وسأكررها دوما، أن المفكر الحقيقى غواص فى بحور مجتمعه، ينقب عن مشكلاته بغية مناقشتها مناقشة موضوعية، بغية التوصل لحلول ناجعة لها.

وهذا دور المفكر الحقيقى لا من يدعون أنهم أهل علم وفكر وهم أبعد ما يكونون عن ذلك.

لم هذا الموضوع الآن؟!

فإنه قد يصاب الإنسان باليأس والإحباط، وقد تفتر عزيمته وتضعف همته وتتوه إرادته بين بينين، بين أن تثبت إرادته على قيمها ومبادئها أو بين أن تنقاد انقيادا أعمى وراء المغريات المادية وتنسحق قيميا وخلقيا وعلميا عابثة بكل شىء، تسعى إلى تحقيق أمر واحد، تحقيق الثراء المادى غير مبالية من أين اكتسبته، المهم يكون لديها ما يحقق هدفها، خصوصا فى ظل المتغيرات العالمية، سواء متغيرات اقتصادية من استفحال الرأسمالية وتوحشها وعودة سيرتها التى كانت عليها إبان العصور الوسطى وما بعد الثورة الصناعية، والسعى الحثيث لزيادة رؤوس الأموال، ولا سيما بعد تلاعب الدول العظمى باقتصاديات الدول النامية ومغازلة الدول البترودولارية للأساتذة .واستجلابهم من بلدانهم وجامعاتهم الفقيرة ماديا الثرية علميا وإغداق الأموال الطائلة عليهم للاستفادة منهم، مما يجعل البعض ما أن تواتيه الفرصة يفر مسرعا وكأنه مسرع إلى جنة عدن، ولم لا وأحلامه وأحلام أولاده وأسرته ستتحقق، وأن مصباح علاء الدين وخاتم سليمان تم العثور عليه.

هل ستثبت إرادتنا وعزيمتنا أمام واقع ثقافى مرير، القابض فيه على فكره، المستمسك بعراه كالقابض على الجمر؟، هل ستثبت إرادتنا أمام فوضى ما يسمى بالحوار الثقافى وبعض الندوات والمؤتمرات التى لا طائل من ورائها اللهم إلا الصور التذكارية والأوبن بوفيه، والمنتج الثقافى "صفر؟".

هل ستثبت إرادتنا أمام الوساطة والمحسوبية فى اختيار القيادات، هذا صديق لفلان، يعين، وهؤلاء أصحاب فكر حر مستنير دعكم منهم؟، ليس هذا وحسب، ولكن أخرجوهم من قريتكم لماذا؟!، لأنهم أناس يتطهرون، نعم لا يجيدون الرقص والطبل ولبس الشيميز والميكروجيب، ليس لديهم ما يقدمونه إلا حصاد فكرهم التوعوى المستنير.

هل ستثبت إرادتنا وعزيمتنا أم ستفتر همتنا وتنحنى هاماتنا أمام ما يحدث الآن من بذخ فى الإنفاق على الحفلات الراقصة الماجنة وحفلات العرى والمنتجعات التى نسمع عنها والتى تباع فيها المساكن بملايين الجنيهات؟.

وحتى إن استطاعت الثبات، فماذا سيقول أصحاب هذه الإرادات والهمم؟، ماذا سيقولون لأبنائهم عندما يرون كل هذه المغريات؟، هل ستظل هذه الإرادات مرفوعة الرأس؟.

وحتى إذا ضعفت الهمم وفترت العزيمة، هل ستستطيع مسايرة هذا "الهلس"، وهذا الانهيار القيمى؟، هل ستستطيع أن تسقط فى هذا البئر السحيق الآسن ماؤه؟، هل ستستطيع أن تقتحم ظلمات هذا البحر اللجى، وحتى إن حاولت فلن تنجح.؟!

أتدرون لماذا؟!، لأنها لم تألف ذلك ولم تتعود عليه، ولأنها لا تجيد قرع الطبول ولا الرقص ولا الأكل على كل الموائد، ومن ثم ستفشل فشلا ذريعا ولن يصدقها أحد ،أو ستصاب باليأس وسيحدث ما لا يحمد عقباه من قلق ويأس وجودى، وقد ينزوى صاحبها عن الأنظار ويموت متعفنا فى مكانه لا يسمع به أحد حتى تفوح رائحته.

أو سيصب وابلا من اللعنات على واقعه المعيش وعلى علمه وعلى كتبه وقد يمزقها أو يحرقها أو يبيعها لتصبح قراطيس تباع فيها المأكولات (حتى مأكولات الدرجة الثالثة)، ولنا فى أبى حيان التوحيدى المثل فقد أصيب بهذا اليأس وأحرق جل كتبه، ولنا فى العلامة جمال حمدان المثل أيضا، ألم يمت الرجل متوحدا فى شقته بعد أن هجر الحياة بعدما هجرته قسرا.

أو ستثبت هذه الإرادات وتقوى وتشحذ همتها وتتخذ من نهجهها الإصلاحى، وأن طريق المصلحين هو طريق الأنبياء، وأن لها رسالة كلفت بحملها ولا بد أن تؤديها على أكمل وجه مهما تعرضت لضغوط الحياة، مهما عانت من قسوة العيش وعاينت الفقر ورأته رؤيا العين.

لكنها عانقت قلوب المحبين من طلابها وأصدقائها، ممن يشدون على يدها ويقولون لها استكملى مشوارك الذى بدأتيه، فلن يستمر ليل وإنما حتما سيأتى الفجر وتشرق الشمس، شمس الحقيقة، شمس الأصيل التى تدفئنا من برد هذه المغريات.

شمس المحبة محبة أهل العلم للعلماء.
نعم وحتى لا تضعف العزيمة وتنهار قوى إرادتنا لا بد أن نتسلح بالأمل وبغدٍ أفضل.
ودوما نردد دعاءً واحدا.

(قال أصحاب موسى إنا لمدركون، قال كلا إن معى ربى سيهدين)، نعم مدركون ومحاطون بكل هذه المغريات المادية، محاطون بكل هذه السخافات، محاطون بكل هؤلاء الرويبضة. لكن كلا إنا معنا ربنا سيهدينا إلى سبل الرشاد.




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب