عندما تطورت العلاقة بين الملك وبيني كمساعد مخرج – وأحس بحدسه العالي أني لست مساعداً مثل (بندق) أو مساعدي قهوة بعرة (طبعاً مع كل الاحترام لكل من قدمتهم قهوة بعره للفن والصناعة)... بدأ يحكي لي عن بعض ما يدهشه ولا يعرف له تفسيراً محددا :
- قولي ياد يامجدي إيه حكاية الروتاري والأندية الغريبة دي؟
قلت متغابيا:
- إيه مالها ياملك؟ آخر حلاوة..!!
- إنت هاتستهبل.. أنا بسألك بجد تعرف إيه عن الناس دي؟
- كل خير..
- طب تعالى ندخل جوه نتكلم..وفي غرفه ليست بعيدة داخل موقع التصوير يشير إلى (صلاح) ليأتيه بمشروبه المفضل ويصرفه وهو يقول:
- بندفع اشتراكات عبيطة خمسة ولا عشرة جنيه وكل شوية يعملوا حفلات جامدة جدا ومصاريف رهيبة ومعاهم ناس من كل نوع ومن كل سن..
وانا مش فاهم..
- يعني مش ملاحظ أن كلهم ناس مؤثرين.. كل واحد في مجاله.. فن.. طب.. هندسة.. طيران.. ذرة.. إلخ لقيت شخص أو
فرد عادي مدعو للعضوية زي حضرتك أو حتى لحضور حفلة..
- ساعات بالاقي ناس ماعرفهمش.
- طبعا في مجالات أخرى وبهدف (تجنيدهم).. وابتزازهم.
- تجنيد إيه؟ إنت هاتخوفني ليه؟ ما تفهمني طيب
- بجد عايز تعرف ولا كده أحسن ويا دارما دخلك شر..
- إيه ياواد إنت.. بأقولك نورني.. عايز أفهم.
وظلت (القعدة) مع الملك حوالي ½ ساعة تحدثت فيها عن إرتباط النوادي المشابهة بالمحفل الماسوني الذي يدعو إلى شمولية على مستوي العالم كله والسيطرة الناعمة على كل المؤثرين وخاصة ممثلي القوى الناعمة من أي مجتمع وذكرت له أمثلة عديدة عن كثيرين – ليسوا في مستوي الشبهات كانوا أعضاء في الحركة الماسونية في مصر والعالم.. وأن (الرباط) الماسوني الغامض يشبه عهد الولاء أو قسم الإخوان المسلمين (على المصحف والسيف) وحكيت عن طقوس الماسونية واقترحت عليه أسماء لبعض الكتب وحتى الأفلام التي تتحدث عن الظاهرة وتحللها.
ظل فريد يسمع بكثير من الدهشة مؤكدا كلامي بأحداث صغيرة عاشها ولم يربطها ببعضها إلا عندما سمع مني هذا الكلام..
خرج فريد لاستكمال عمله في تصوير الفيلم وقد بدأ عليه الإنفصال تماما عن حالة الدهشة وأندمج في أداء دوره وكأنه لم يسمع منى شيئا – ولكنه كان وبعد كل بضعة لقطات يلتفت نحوى قائلاً:
- كويس إني سألتك ياد يامجدي دول فعلا عالم و..
فأبتسم حيث ينظر إلينا الجميع غير فاهمين ماذا يقصد الملك خاصة وأنه يكرر نفس الجمل تقريبا بعد كل مشهد..
وانتهى التصوير ورحت لأسلم على الملك قبل أن يغادر فقال ممتنا وبصدق حقيقي:
- إنت مش عارف كلامك معايا فرق إزاي. أنا كان عندي حفلة النهاردة مش هأروح طبعاً.
- ياملك الموضوع مش خطير كده طالما فهمت حدوده تقدر تتصرف من غير عصبية وببساطة..
- لا ياراجل بساطة إيه بس.. إنت رعبتني.. يانهار إسود.
ابتسمت له وتجاهلت نظرة (صلاح) المساعد الساخرة نحوي وهو يتظاهر بجمع أشياء الملك.. وكأنه يقول لي:
- إنت بتصدق يادكتور؟!
وفي اليوم التالي كان التصوير مسائياً.. حضر فريد شوقي كالعادة قبل موعد التصوير بساعة يسبقه صلاح الذي رمقني بنفس النظرة اللئيمة.. نظرت نحو الملك:
- إيه الأخبار ياملك؟
- إما كانت حتة حفلة ياد يامجدي إيه الحلاوة دي..
نظرت نحو صلاح الذي يداري ضحكة وشماتته وقلت للملك.
- يعني رحت عادي أنت أعيل ملك شفته في حياتي.. إحنا مش اتفقنا؟!
- بس ياله.. إنت باين عليك شيوعي على فكرة..!!!