القس اندريه زكى

القيامة ومفهوم العدالة

الأحد، 20 أبريل 2025 10:35 م


فى فجر القيامة، لم يكن حجر القبر هو وحده ما تزحزح، بل تزلزلت معه مفاهيم الظلم، فأصبحت نقطة فاصلة فى طريق فهم العدالة وتحقيقها. قيامة المسيح هى إعلان إلهى بأن الكلمة الأخيرة ليست للموت، ولا للظلم، ولا للقهر، بل للحياة، والرجاء، والحق. 


فى تفاصيل أحداث موت المسيح والحكم عليه، والتى وردت فى الأناجيل، نرى فيها كم كان حجم الزور والبهتان الذى تعرض له المسيح، إذ حُكم على المسيح زورا، ووقف أمام محاكمات صورية باطلة. لكن كانت قيامته هى النقطة الفاصلة فى، لأنها كشفت عن الحقيقة الكاملة أن الله لا يصمت أمام الظلم، لأنه هو العدل المطلق.


القيامة لا تقول فقط إن المسيح غلب الموت، بل تعلن أن الحق لا يموت. وكما شهد بطرس الرسول فى عظته الأولى أمام آلاف الناس فى أورشليم أن السيد المسيح قام «نَاقِضا أَوْجَاعَ الْمَوْتِ، إِذْ لَمْ يَكُنْ مُمْكِنا أَنْ يُمْسَكَ مِنْهُ»، هكذا أيضا لا يمكن للباطل أن يُمسك من الحق إلى الأبد، ولا للعدل أن يُقيَّد من الظلم إلى الأبد.


لقد كتبت قيامة المسيح، نهاية مختلفة تماما عما كان فى ذهن صالبيه ومن تآمروا عليه، لذلك، فهى إعلان للعدالة الإلهية التى قد تتأخر فى نظر الإنسان، لكنها لا تُهمل أبدا.
فى خلال حياته الأرضية، اتجه السيد المسيح نحو الضعفاء، والمرضى، والمنبوذين، والفقراء. اقترب من المهمشين والمرفوضين والمظلومين من المجتمع، لقد جسّد المسيح العدل قبل أن يتحدث عنه، وأحب الذين لا يحبهم أحد، ورأى من لا يراه أحد، وقيامة المسيح كانت انتصارا لكل هؤلاء.


لهذا، فالإيمان بقيامة المسيح ليس مجرد إيمان عقائدى، بل هو التزام عملى، الكنيسة التى تحتفل بقيامة المسيح لا يمكنها أن تظل صامتة أمام الظلم، أو محايدة تجاه القهر، أو بعيدة عن آلام الناس، قيامة المسيح تدعو الكنيسة لتكون صوت الحق والعدل فى العالم، الذى يرى المظلوم، ويسمع المكلوم، ويتحرك نحو المهمّشين.


أن تؤمن بقيامة المسيح يعنى أن تؤمن بأن العدل ممكن، وأن تقف مع كل من يُسحق تحت وطأة الظلم، وما أكثرهم فى عالمنا اليوم! الكنيسة، متى التزمت بروح المسيح القائم، صارت نورا فى وسط الظلمة، وشاهدا حيّا على عدالة الله ومحبته للمهمشين والمظلومين.


قام المسيح ليحررنا من عبودية الخوف، ولكى نعيش بقوة روحه، مدعوين، لأن نقف بجانب المظلوم، لا بالكلام فقط، بل بالفعل: فى قراراتنا، فى اختياراتنا وفى تقديم المحبة والعون لكل من يعاني. إن عدالة القيامة  تُعيد بناء الإنسان، وتُطلق فيه قوة الحياة من جديد.


نصلى لأجل سيادة هذه العدالة فى أرجاء العالم، ونصلى لأجل بلادنا الحبيبة، أن تظل دائما أرضا للكرامة والرجاء، تنبض بالمحبة والخير، ويسكنها السلام، وتكون صوتا حيّا للعدالة فى المنطقة والعالم بأسره. نصلى أن يلهم الله أبناءها وبناتها ليكونوا شهودا للحق، وصانعين للخير، وبناة لمجتمع تتجسد فيه قيم العدالة والمحبة.




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب



الرجوع الى أعلى الصفحة