لأننى أؤمن بالقومية العربية، ولأننى أحب _ عن اقتناع تام _ الزعيم الراحل خالد الذكر جمال عبدالناصر، أعترف بأننى أحب الخير لكل الأشقاء العرب، حباً خالصاً من أجل تحقيق تكامل عربى، وأعترف بأننى على ثقة تامة بأن اتحاد العرب قوة وتماسكهم مطلوب ووحدتهم تُخيف الأعداء، وأعترف _ أيضاً _ بأننا نحن المصريون لدينا حُباً كامناً فى قلوبنا لكل أشقاءنا فى دول الخليج..
الكلمات السابقة كان لابد منها، فهى كلمات ضرورية ومُلحة، كلمات أعتبرها مُقدمة لبدء حديثي عن الزيارة الهامة التى قام بها الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى دولة قطر الشقيقة، ولحُسن حظى كُنت من الإعلاميات اللاتى رافقن البعثة الإعلامية المصرية .. شغفى لزيارة الدوحة _ لأول مرة _ جعلنى أُدَقق فى كل تفاصيل الزيارة، أُدَقق فى معالم "قطر" ، أُركز فى الاستقبال الرائع للرئيس السيسى فى مطار حمد الدولي وكان فى مُقدمة مُستقبليه سمو الأمير تميم بن حمد أمير قطر، شعرت بأن هذا الاستقبال يليق برئيس مصر وقيمتها ومكانتها ويُرسخ لمعانى الأُخوة..
أعترف بأننى اكتشفت المعدن الأصيل للشعب القطرى، يحبون "مصر" ويُقدرون رئيسها البطل، مسئول قطرى كبير قال لى: زيارة الرئيس السيسى إلي قطر تُساهم فى تعزيز العلاقات الاستراتيجية بين البلدين الشقيقين .. أما السفير القطرى بالقاهرة ومندوبها الدائم لدى جامعة الدول العربية طارق الأنصارى قال لى : علاقاتنا معاً تاريخية وقوية ومُتأصلة وزيارة الرئيس السيسى إلى قطر تأتى فى مرحلة حساسة يمر بها الشرق الأوسط والوطن العربى والأحداث المُتسارعة والحرجة التى تمر بها المنطقة تحتاج إلى التنسيق والتباحُث والتشاور وتبادل الرؤى والزيارة تُعطى دفعة قوية للجهود المصرية القطرية الدؤوبة فيما يتعلق بعمليات التفاوض والوساطة بشأن غزة..
منذ اللحظة الأولى لوجودى فى ( الدوحة ) قُلت: أمجاد يا عرب أمجاد ولابد من أن نضع أيدينا فى يد بعضنا، لابد أن تكون كلمة السر ( إيد واحدة ) ، وحينما شاهدت "الرئيس السيسي" يتحدث بأريحية _ وبثقة ومن القلب _ لعدد من المسئولين وممثلين عن غرفة تجارة وصناعة قطر ورابطة رجال الأعمال القطريين وبمشاركة واسعة من كبرى الشركات العاملة فى السوق القطري _ بحضور رئيس الوزراء القطرى الشيخ محمد بن عبدالرحمن _ قُلت : هذه الزيارة ناجحة وستؤتى ثمارها لأن الرئيس السيسى سرد ببراعة مُتناهية ماحدث فى مصر منذ عشر سنوات ، حكى ما تم إنجازه ، شرح بالتفصيل ما قامت به الدولة من مشروعات قومية ضخمة فى كل أرجاء مصر، وحينما تحدث عن الاقتصاد والاستثمار كانت كلماته تحمل رسائل طمأنة للأشقاء فى قطر من أن مصر بخير والأمن والأمان والاستقرار يسود فيها وأهلها يعيشون فى سلام .. وعرض "الرئيس السيسى" رؤيته حول عدد من الأسئلة الشائكة التى تهم المستثمرين وقال ( البنية التشريعية المشجعة للاستثمار موجودة فى مصر ولدينا تنوع فى الفرص الاستثمارية المتاحة ونُركز على توطين الصناعة وتعزيز الاعتماد على التكنولوجيا المتقدمة ولدينا انفتاح واستعداد لإتمام شراكات يمكن الدخول فيها مع المستثمرين القطريين الراغبين فى العمل في مصر وحوافز الاستثمار موجودة وأصبحت مصر أرض خصبة للاستثمار الناجح )..
وخلال الزيارة تابعت وسائل الإعلام القطرية ، ترحيب غير عادى بالرئيس السيسى وتغطية صحفية تليق بـ "رئيس مصر" ، كانت "صحيفة الشرق" القطرية قد أفردت ( ٤ ) صفحات كاملة وتناولت العلاقات المصرية القطرية وحرص الجانب القطرى على توطيدها وتثبيتها ، حرص شديد على نشر ما وصلت العلاقات فى كافة المجالات ، وأبرزت تصريح مهم لرئيس الوزراء ووزير الخارجية القطرى الشيخ محمد بن عبدالرحمن والذى قال فيه نصاً ( العلاقات المصرية القطرية شهدت تطوراً كبيراً بفضل إرادة القائدين "الرئيس السيسى والأمير تميم" وحرصهما على توسيع التعاون والشراكة الاستراتيجية وترسيخ روح الأخوة والتفاهم )..
حجم التوافق بين البلدين الشقيقين كبير جداً فى كافة القضايا وهذا ما أوضحه البيان المشترك، فقد جرى التوافق على العمل على حزمة من الاستثمارات القطرية المباشرة بقيمة إجمالية تصل إلى ( ٧٫٥ ) مليار دولار أمريكى تُنفذ خلال المرحلة المقبلة بما يعكس متانة العلاقة بين البلدين ويُسهم فى تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة التى تخدم مصالح الشعبين الشقيقين، إضافة إلى استمرار جهود الوساطة التى يقودها البلدان بالشراكة مع الولايات المتحدة الأمريكية للوصول لوقف إطلاق النار ونهاية للحرب فى قطاع غزة ورفض لمحاولات استهداف الوسطاء والتى لا تهدف إلا لتخريب الوساطة ، وهناك توافق ( مصرى قطري ) تام حول دعم خطة إعمار قطاع غزة وضرورة توحيد الصف الفلسطينى وتفعيل دور المؤسسات الفلسطينية وإدخال المساعدات الإنسانية وتخفيف معاناة الشعب الفلسطينى ووقف لإطلاق النار وإتمام عملية تبادل الأسرى..
انتهت الزيارة، وبعد كل ما رأيته فى الدوحة من توافق فى الرؤى، ظللتُ أُردد وأنا فى طريق عودتى للقاهرة وأقول ( القاهرة والدوحة ستسيران معاً، مصر وقطر تسيران على الطريق الصحيح، لن يسير أحدنا بمفرده، لن نكون إلا معاً .. "سياسياً" نسير فى نفس الطريق، "اقتصادياً" سنُحقق التكامل معاً وسنُحقق تطلعات الشعبين).