محمود عبدالراضى

إماطة الأذى عن القلوب صدقة

السبت، 12 أبريل 2025 09:13 ص


في عالم تتناثر فيه الكلمات كالسكاكين، وتغمرنا الهموم كالسحب السوداء، قد يغفل البعض عن قيمة أسمى وأبسط مما يتصورون: إماطة الأذى عن القلوب، تلك الصدقة الخفية التي لا يحتاج معها المرء إلى مال أو جهد خارق، بل يكفي أن يزرع في قلبه نيةً صافية، ليزرع في قلوب الآخرين نورًا يغنيهم عن سواد العناء.

"إماطة الأذى" في أبسط معانيها ليست مجرد إزالة حجر من الطريق، بل هي إزالة أثقال من النفوس المرهقة، من يمد يده إلى قلب شخص ويزيح عنه همًا، فقد قدم له صدقة القلب، تلك الصدقة التي لا تحتمل أي صورة من الصور المادية، هي تلك اللحظة التي يبتسم فيها أحدهم لك في وسط الزحام، أو تلك الكلمة الطيبة التي تسري في أرجاء القلب فتغسل فيه ما علق من غبار الأوقات الصعبة.

إن إماطة الأذى عن القلوب ليست محصورة في أفعال كبيرة، بل قد تكون في ابتسامة عابرة، أو كلمة مشجعة، أو حتى تصرف حكيم يُطفئ نار التوتر والقلق.

فكم من شخص شعر بضيق، حتى فوجئ بكلمة صغيرة تسعده أو موقف عابر يغير مجرى يومه، تلك هي الصدقات الحقيقية التي لا تباع ولا تشترى، بل تُعطى بلا انتظار مقابل، تُغرس في الأرض لتحصد ثمارها بسلام داخلي لا يُوصف.

وأصدق ما يمكن أن نقوله في هذا الشأن، هو أن القلوب بحاجة إلى الراحة، كما هي بحاجة إلى الطعام والشراب، فإذا أردنا أن نعيش في مجتمع يسوده الحب، والتفاهم، والسلام الداخلي، علينا أن نمارس "إماطة الأذى" بكافة أشكالها، فكل كلمة تطيب بها قلوب الآخرين، وكل حركة رقيقة تشعرهم بالأمان، هي صدقة مرفوعة إلى السماء قبل أن تلامس الأرض.

ويكمن سحر هذا الفعل في بساطته، في كونه يحدث دون أن نعلم في كثير من الأحيان كيف سيؤثر على الشخص الذي تلقاه، ربما تكون قد أزحت عن قلبه صخرة ثقيلة، أو قد تُحسن من نظرته للعالم فتجعله يرى النور في تلك اللحظة التي ظن فيها أن الحياة كلها مظلمة.

إنها الصدقة الخفية التي لا تصاحبها الشهادات أو الحوافز، ولكن أثرها يبقى طويلًا، إذ تظل تلك الكلمات الطيبة والأفعال الصغيرة عالقة في الذاكرة، وكأنها أضواء تُضيء الظلام في القلوب الجافة.

"إماطة الأذى عن القلوب صدقة" ليست مجرد حديث من الأحاديث العادية، بل هي دعوة مفتوحة لكل من يسعى إلى تحسين واقع الحياة، وتخفيف أعباء الآخرين، دون أن يتطلع إلى شيء في المقابل.

 




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب