في زحمة الحياة، حين تشتد قبضة الأيام على أعناقنا، وتتعالى همسات القلق في صدورنا، ينسى البعض أن القلب ليس مجرد عضلة تضخ الدم، بل كائن هشّ، يترنّح بين دفقة وأخرى، يتألم وإن لم ينطق، ينكسر وإن ظل ينبض.
نحن نعيش في زمنٍ صار التوتر فيه ضيفًا دائمًا، لا يغادر موائدنا، يقتحم ساعاتنا، ينام بجوارنا، ويوقظنا كل فجر على همّ جديد.
هناك من يتقن لعبة التجاوز، وهناك من يتهاوى تحت عبء لا يُرى، حتى يتسلل إليه ما يُعرف طبيًا بـ"متلازمة القلب المنكسر"، اسمها شاعري، لكن وقعها أشد قسوة من الشعر.
ليست هذه المتلازمة سوى صرخة من القلب، احتجاجًا على ما لا يُحتمل من مشاعر، تأتي على حين غرّة، بعد جدال عابر، أو فَقْد لا يُعوَّض، أو مرضٍ يسرق الطمأنينة، في لحظة واحدة، يشعر المصاب وكأن قلبه قرر أن يتمرد، ينبض بلا انتظام، أو يئن من الداخل دون جرح مرئي.
تلك النغزة التي تبدو للوهلة الأولى كأنها نوبة قلبية، هي في الحقيقة حزن مقيم قرر أن يعبّر عن نفسه بطريقته الخاصة.
تتوقف أجزاء من القلب عن ضخ الحياة كما ينبغي، بينما يُكمل باقيه المهمة على استحياء، لحظة انكسار، ثم استعادة، ولكن بشق الأنفس.
السبب؟ لا أحد يجزم، يقال إنها هرمونات التوتر، حين تفيض كالأمواج فوق القلب، تضربه بلا رحمة، يُقال أيضًا إن الشرايين قد تنقبض مؤقتًا، أو أن بنية القلب نفسها تتغير تحت وطأة الحزن، لكن المؤكد أن للوجع العاطفي يدًا طويلة تمتد حتى أعمق نقطة فينا.
غالبًا ما يسبق هذه الحالة حدث جلل؛ فقد حبيب، كسر مفاجئ، مشهد صادم، أو حتى عملية جراحية تُربك الجسد والعقل معًا، إنها ليست مجرد حالة طبية، بل لحظة انهيار انساني ناعم، تختبئ بين تفاصيل اليوم العادي.
لكن، هل تستحق الحياة كل هذا؟ .. ربما لا، فالحياة، وإن قست، لن تكون أحنّ من قلوبنا علينا، فلا تجعل من نقاش عابر سكينًا، ولا من خيبة عابرة قيدًا، تعلّم أن تمضي، أن تغفر، أن تبتسم ولو داخليًا، عش بهدوء، وامنح قلبك راحة لا يمنحها لك أحد.
فالقلب، أيها العزيز، لا يُكسر بضربة واحدة، بل بتراكم ما نظنّه بسيطًا.