في اليوم الثامن من شهر مارس كل عام، تحتفل دول العالم بـ"يوم المرأة العالمي"، بعد أن خرجت 15 ألف امرأة في مسيرة عام 1908، جابت مدينة نيويورك مطالبات بتخفيض عدد ساعات العمل، وبزيادة الأجور، وبالحق في التصويت، حتى اكتسب الاحتفال باليوم العالمي للمرأة طابعاً رسميا في عام 1975، وبدأت الأمم المتحدة تحتفل بذلك اليوم، وأصبح يوم الثامن من مارس تاريخا للاحتفال عالميا بالمرأة أيّا كان موقعها من المجتمع، سياسيا أو اقتصاديا، لكن الأمر بالنسبة للمرأة الفلسطينية مختلف تماما، فمنذ أن احتلت إسرائيل الأراضي الفلسطينية، تدفع "سيدة الأرض"، ثمناً باهظاً مقابل الحرية والكرامة.
هذا العام 2025 يأتي اليوم العالمي للمرأة، على السيدة الفلسطينية وخاصة في قطاع غزة ليكون مثالاً حقيقياً لإذلال المرأة وقتلها وإطلاق النار عليها وتعذيبها وإجبارها على النزوح، وتعرضها للتجويع والتعطيش وانعدام الرعاية الصحية، وليس رفع شأنها وتكريمها، حتى وصل الأمر إلى تهديدها بتهجيرها من أراضيها التي ترعرعت ونبتت فيها.
قوات الاحتلال الإسرائيلية التي أشعلت الحرب على قطاع غزة، في السابع من أكتوبر عام 2023، قتلت أكثر من 12316 شهيدة من النساء بدم بارد، فضلا عن وجود 13901 امرأة ترملت وفقدت زوجها ومعيل أسرتها، و50 ألف امرأة حامل وضعوا مواليدهم في ظروف غير انسانية، و17 ألف أم ثكلت بفقدان أبنائهن، وأصيبت 162 ألف امرأة بأمراض معدية، و2000 امرأة وفتاة ستلازمهن الإعاقة جراء بتر أطرافهن، إضافة إلى اعتقال عشرات النساء وتعرضهن للتعذيب داخل المعتقلات.
وسلطت هيئة شؤون الأسرى والمحررين، ونادي الأسير، في تقرير مشترك لمناسبة يوم المرأة العالمي، على أبرز القضايا المتعلقة بالظروف الاعتقالية للأسيرات في سجون الاحتلال، والتي تندرج جميعها وبمستويات مختلفة تحت جرائم التّعذيب، والتّجويع، والجرائم الطبيّة الممنهجة، والاعتداءات الجنسيّة بمستوياتها المختلفة، هذا عدا عن عمليات القمع والاقتحامات المتكررة لزنازين الأسيرات، وعمليات السّلب والحرمان الممنهجة، وأساليب التّعذيب النفسيّ التي برزت بحقّهن منذ لحظة اعتقالهن.
وأضافت الهيئة والنادي، أن ما شهدناه خلال حرب الإبادة، وما نشهده حتى اليوم من استهداف للنساء، وأحد أوجها عمليات الاعتقال، لا تشكل مرحلة استثنائية، إلا أنّ المتغير هو مستوى الجرائم التي مورست وتمارس بحقهن. فمنذ السابع من أكتوبر 2023، وثقت المؤسسات المختصة (490) حالة اعتقال بين صفوف النساء، حيث شكّلت عمليات الاعتقال للنساء ومنهنّ القاصرات، أبرز السّياسات التي انتهجها الاحتلال وبشكل غير مسبوق، ويتضمن هذا المعطى النّساء اللواتي تعرضن للاعتقال في الضفة بما فيها القدس، وكذلك النساء من أراضي عام 1948، فيما لا يوجد تقدير واضح لأعداد النّساء اللواتي اعتقلنّ من غزة.
وأشار التقرير إلى أن عدد الأسيرات (21) أسيرة، (17) منهن ما زلن موقوفات، بينهنّ أسيرة من غزة، وهي الأسيرة سهام أبو سالم، ومن بين الأسيرات، طفلتان بينهما طفلة تبلغ من العمر (12 عاما)، و(12) أمّاً، وأسيرة حبلى في شهرها الثالث، ومعتقلتين إداريتين، و(6) معلمات، وصحفية وهي طالبة إعلام، ومن بين الأسيرات المريضات، أسيرة مصابة بالسّرطان، وتبقى أسيرتين معتقلتين منذ ما قبل السابع من أكتوبر 2023 يرفض الاحتلال حتى الآن أن تشملهن صفقات التبادل.
وعن الصحفيات في غزة، أشار سلامة معروف، مدير المكتب الإعلامي لقطاع غزة، إلى أن "هناك 24 صحفية قتلهن جيش الاحتلال الصهيونازي خلال حرب الإبادة على غزة، لم يشفع لهن كونهن نساء أمام الجيش المجرم، كما لم تحمهن حصانة صحفية أمام الكيان القاتل".
أضاف: "جرائم قتلهن تمثل جرائم ضد القانون الدولي الإنساني، وتمت على مرأى ومسمع العالم الحر الذي يتشدق بحقوق المرأة، ومنظمات الدفاع عن حقوق الصحفيين، ورغم ذلك لم تتجاوز المواقف بيانات الشجب والإدانة التي تقطر نفاقا وازدواجية في غالبها أو عجزا واستسلاما في بعضها".
بدورها أوضح المكتب الإعلامي لقطاع غزة، أن "هذه المناسبة العالمية تأتي لنذكر الجميع بقتل جيش الاحتلال "الإسرائيلي" المرأة الفلسطينية بدم بارد في حرب الإبادة الجماعية التي شنها -وما يزال- جيش الاحتلال على المدنيين والأطفال وعلى المرأة الفلسطينية، وللأسف يقف العالم متفرّجاً على هذه الكارثة وهذا الانتهاك الخطير ضد المرأة الفلسطينية دون أن يُحرك ساكناً".
وأضاف المكتب الحكومي في بيان: "إذا كان هذا حال المرأة الفلسطينية في غزة، فان واقعها في الضفة لا يقل معاناة في ظل الهجمة المسعورة على مدن ومخيمات الضفة وإجبار آلاف النساء على النزوح القسري رفقة أسرهن، واعتقال المئات وتعرضهن للاعتداء والتنكيل.
وقال، إن "المرأة الفلسطينية هي في أمس الحاجة إلى الدفاع عن حقوقها ومتطلبات حياتها كافة، لا أن يتم قتلها وإطلاق النار عليها واعتقالها وإجبارها على النزوح على مرأى ومسمع الجميع، مضيفا: "في هذا اليوم نبرق بالتحية ونُحيي صمود المرأة الفلسطينية سنديانة نضالنا التي قدمت التضحيات أما مكلومة وزوجة ترملت وابنة تيتمت وشهيدة وجريحة وأسيرة، ونُثمن دورها في بناء المجتمع الفلسطيني وتعزيز صموده، رغم هذه المعاناة والتضحيات.
وأضاف: " وفي ظل ما تتعرض له المرأة الفلسطينية فإننا نحمِّل الاحتلال كامل المسؤولية تجاه ما تتعرض له المرأة الفلسطينية وتجاه هذه الظروف القاسية التي أجبرت عليها.
وطالب المجتمع الدولي ومنظمات الدفاع عن المرأة، بضرورة العمل على إنهاء الاحتلال "الإسرائيلي"، لكي تتمكن المرأة الفلسطينية من العيش بكرامة وحرية، كما نطالبهم بإنقاذ المرأة الفلسطينية من جرائم الاحتلال "الإسرائيلي" المتواصلة بحقها من قتل واعتقال وإهانة وتعذيب.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة