محمود عبدالراضى

في رحاب الأزهر.. صلاة التراويح بين طيات التاريخ وسحر الروحانية

الثلاثاء، 25 مارس 2025 11:15 ص


في قلب القاهرة النابضة، حيث تتعانق الروحانيات مع عبق التاريخ، يقف جامع الأزهر شامخًا، يتحدث بلغة العراقة والأصالة، هناك، في رحاب الأزهر، يجد الزائر نفسه محاطًا بجدرانه العتيقة التي سمع صدى أولى صلواتها منذ أكثر من ألف عام.

بين حلاوة القرآن وصوت المؤذن الذي يعلو كل يوم في رحاب هذا الصرح العظيم، يتنفس الزائر روح التاريخ التي تسكن كل حجر وكل زاوية من زوايا المسجد، ليشعر وكأن الزمن توقف لوهلة ليكشف عن معالم أمة كانت ولا تزال منبعًا للعلم والإيمان.

تبدأ قصة الأزهر من تلك اللحظة التاريخية التي شهدت إنشاء هذا المعلم الفريد على يد جوهر الصقلي في 24 جمادى الأولى من عام 359هـ، الموافق 4 أبريل 970م، فقد تم بناؤه بأيدٍ تعبت على مر الزمن، ليصبح مركزًا دينيًا وثقافيًا لا مثيل له، ما لبث أن تحول جامع الأزهر إلى جامعة علمية، رافعة راية العلم والمعرفة، وأصبح منارة يُستضاء بها طريق العلماء والطلاب في شتى مجالات الحياة.

لكن الأزهر ليس مجرد جامع للصلاة وحسب، بل هو مركز للنضال والوعي الوطني، حيث شهدت أروقته أعظم المواقف التي دافع فيها العلماء والمصلحون عن قضايا الأمة العربية والإسلامية، فهو لم يكن فقط منارة للعلم، بل كان قلعة للدفاع عن القيم الإنسانية، حاملًا مشاعل الهداية والتقدم.
في الأزهر، ظهرت الحركات التي ناضلت من أجل الحرية وحقوق الإنسان، وفي ساعاته المباركة ولدت الثورات الشعبية التي استهدفت تحرير الشعوب من ظلم الحكام المتسلطين.

لقد كان الأزهر دائمًا مركزًا للحداثة في قلب التراث، مجمعًا بين الإيمان والعقل، بين العراقة والتجديد، ومن بين جدرانه، تشكلت جبهات معارضة، تألفت من علماء أذكياء ذوي فكر نير، جعلوا من الدستور الذي يستندون إليه هو الكتاب الكريم والآداب القرآنية، كانت هذه الجبهة قوة عظيمة، نجحت في إسقاط الأنظمة، وتفجير الثورات التي كانت تقودها تلك الجماعات الفاضلة في قلب الأزهر الشريف.

في هذا الصرح، تألفت عقول صنعت تاريخًا جديدًا للأمة، وسارت على دربٍ ملؤه العزة والفخر، وفي تلك اللحظات من تاريخ الأزهر، نجد مواقف هامة تبين كيف كان الأزهر قلبًا نابضًا بالعلم والفكر، مؤكدًا على دوره الوطني الذي لا يتوقف.

واليوم، مع مرور الزمان، لا يزال الأزهر يعد صرحًا لا يعلى عليه، حيث يتحدى الزمن ويستمر في إلهام الأجيال الجديدة، من هناك، يواصل الأزهر تقديم رسالته في نشر العلم وتثبيت القيم الإنسانية، حيث تلتقي الشعوب من مختلف بقاع الأرض داخل جدرانه، لينهلوا من علمه ويمارسوا شعائرهم بكل سلام.

من حقنا أن نفخر بأزهرنا وعلمائه الأجلاء الذين حملوا مشعل العلم في العصور الذهبية، وتفانوا في خدمة الإنسانية، الأزهر، ذلك الرفيق الذي لا يزول، يبقى هو الضوء الذي يضيء طريق الأمة في عتمات الأوقات.




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب