أكرم القصاص

الدراما والإعلام.. التشويق فى زمن المنصات والتسويق

الجمعة، 21 مارس 2025 10:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

ربما علينا أن نعترف بأن القضايا السطحية تحتل مساحات من الاهتمام لدى جمهور مواقع التواصل، وربما يكون بعض الجمهور الذى يهتم بالسطحيات والنميمة والتريند هو نفسه أو قطاع منه يمنح الاهتمام للمحتوى الجاد والجيد، وقد يبدو صادما أن نقول إن اهتمام الجمهور بالموضوعات الرياضية والمباريات عشرات أضعاف الاهتمام بالسياسة أو حتى الحروب والصراعات، يتم بالعالم، ثم يأتى الاهتمام بالحوادث والغامض منها أو المزدحم بالتفاصيل ، لهذا فقد كانت صفحات الحوادث تركز دائما على التفاصيل والتطورات والوصف، حتى لو أخفت أسماء الضحايا والمجرمين.

نقول هذا بمناسبة الجدل الذى يدور الآن، ويتجدد دائما حول اهتمام الجمهور وكيفية تشكيل الرأى العام، فى بعض الموضوعات سواء بالحق أو الباطل، والواقع أن الاهتمام يراه البعض طبيعيا والآخر يراه موجها ومقصودا، وبشكل عام وباعتراف كل خبراء الدعاية والإعلام، فإن حجم اهتمام الجمهور بالموضوعات والأحداث الخفيفة، أضعاف الاهتمام بالقضايا الجادة، وتكون الموضوعات الرياضية والفنية والاجتماعية والحوادث أكثر جذبا من بقية الموضوعات، لذلك فإن نسبة الإنفاق من المنتجين فى العالم على صناعة الترفيه والتسلية ضخمة، وأغلبها تركز على الأنشطة الرياضية والترفيهية، ولا تتوجه إلى باقى الأنشطة وهذا بالطبع يدخل ضمن أدوات وخبرات وعلوم «التسويق»، ومؤخرا بدأت الاستثمارات من شركات التكنولوجيا الكبرى تتجه لتمويل المحتوى الفردى فى مواقع ومنصات «السوشيال ميديا» باعتبار أن بعض الشركات الإعلانية تنفق أقل فى مواقع التواصل وتحصل على نتائج أكبر وهو ما يشجعها على الاتجاه إلى هذه المنصات.

وهناك بعض المنصات والشركات الكبرى تتعمد الإنفاق على المحتوى السطحى والتافه، لأنه يجذب مشاهدات ويسهل تحقيق عوائد وإعلانات، على العكس من المحتوى الجاد الذى هو غالبا أقل فى الحجم والمساحة، لدرجة أن بعض النجوم يسعون للمنافسة فى المحتوى التافه أكثر مما يتجهون إلى المحتوى الطبيعى والإنسانى، وهو أمر معروف من زمان حتى قبل السوشيال ميديا، حيث يسود فكر شركات الدعاية والإعلان، عن فكر المنتج الفنى الذى يحرص على إنتاج فنى ودرامى وإعلامى يناسب الأسرة، لهذا فإن الأفضل أن تكون عملية إنتاج محتوى للأسرة من قبل الدولة والمؤسسات العامة، حيث لا يفضل القطاع الخاص الاستثمار فى منتجات لا يمكنه تسويقها، وهو نفس فكرة أن الدولة تنفق على البنية الأساسية والخدمات غير الهادفة للربح بينما يبتعد عنها القطاع الخاص لأنها لا تعود بأرباح، ولهذا فإن أغلب إن لم يكن كل الأعمال الدرامية المهمة كانت من إنتاج قطاع الإنتاج بالتليفزيون، كما أن أغلب منتجات «المتحدة للخدمات الإعلامية»، هى منتجات اجتماعية وبعضها يحمل رسائل غير مباشرة، مثلما نجح أولاد الشمس فى إثارة قضية مهمة عن دور الأيتام، ولهذا ترك أثرا اجتماعيا مهما، ولفت نظر وزارة التضامن لأنه يتناول موضوعا مهما تم تسليط الضوء عليه من الصحافة.

والواقع أن السينما مثلا سبق وبسبب فيلم جعلونى مجرما تم تعديل قانون العقوبات للسابقة الأولى، وقانون الأحوال الشخصية بسبب فيلم «أريد حلا» لفاتن حمامة، وغير ذلك، بما يضع تأثيرا مهما للدراما والأفكار، لكن بشرط أن يتم الطرح دون خطابة أو ملل، وفى عصر التواصل الاجتماعى والمنصات، فإن كل هذا يفترض أن يتم بشكل مستمر وليس موسميا، وأن يراعى أذواق وأمزجة الجمهور عمريا وثقافيا واجتماعيا، ومعرفة أن كلمة السر فى عصر التكنولوجيا والشبكات، وهى «التسويق»، تسويق السلع، والأشخاص والأفكار والظواهر، وهو تسويق لا يتعلق بجمهور محلى من عدة ملايين، لكنه مع أكثر من 4 مليارات نسمة، هم أكثر من نصف سكان العالم، نشطون على مواقع التواصل، والتريند ظاهرة تظهر وتصعد وتأفل وتختفى ليظهر غيرها، وربما على أعضاء اللجان مراعاة كل التفاصيل دائما وليس فى مواسم.

p.8
مقال أكرم القصاص فى عدد اليوم السابع الورقى









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر


الرجوع الى أعلى الصفحة