في عصرٍ يعج بالابتكارات التكنولوجية والرقمية، أصبح الأطفال اليوم أكثر انجذابًا إلى الألعاب الإلكترونية والشاشات التي تضيء عالمهم من كل زاوية، ومن شاشة صغيرة إلى أخرى، يتحول الأطفال إلى مراهقين رقميين لا يعرفون حدودًا لأوقات فراغهم، ساعات طويلة يقضونها في مغامراتٍ افتراضية، أو في تتبع فيديوهات سريعة على السوشيال ميديا، ليصيروا أسرى لعالمٍ لا يمت للواقع بصلة.
لكن، ما الذي يحدث خلف هذه الأضواء اللامعة؟ هل فكرنا يومًا في تلك العوالم التي يقبع فيها أبناؤنا؟ وما الذي تقدمه لهم هذه الألعاب أو الفيديوهات التي يظن البعض أنها مجرد ترفيه؟ الحقيقة المؤلمة أن هذه الأنشطة الإلكترونية التي تأسرهم في ساعات طويلة تتسبب في آلامٍ لا نراها بعيننا، فنحن، في لحظة من اللحظات، قد نكون قد أغفلنا التأثيرات السلبية لهذه الساعات الممتدة التي لا يواجهها سوى أدمغة أطفالنا.
جلوسهم لفترات طويلة أمام الشاشات يعني عزلة جسدية وعقلية، فالأطفال يبتعدون عن التفاعل الاجتماعي الحقيقي، ويغرقون في عوالم افتراضية تكون بعيدة عن النمو الفكري السليم.
في هذا الزمان، لم يعد اللعب في الشوارع أو التفاعل مع الأقران مصدرًا أساسيًا للسعادة، بل باتوا يشبعون شغفهم بحكايات سريعة لم تتجاوز دقائق الفيديو، ليظلوا في دوامة لا تنتهي من الإدمان الرقمي.
وما يزيد من خطورة الأمر هو تأثير هذه الألعاب على صحة الطفل الجسدية والنفسية، فالتأثيرات السلبية تبدأ من عيون تتعب وتُرهَق بعد ساعات من التحديق، إلى جسد ضعيف نتيجة قلة الحركة والنشاط، أما العقل، فقد يغرق في مشاعر من القلق والتوتر، فقد أظهرت الدراسات أن الأطفال الذين يقضون وقتًا طويلاً في الألعاب الإلكترونية أو مشاهدة المحتوى على الإنترنت يعانون من صعوبة في التركيز، ويتأثرون سلبيًا بالصور النمطية والأفكار المشوهة التي تقدمها تلك الألعاب والفيديوهات.
الأخطر من ذلك هو أن هذه الألعاب تُعزز من فكرة العنف لدى الأطفال، مما يعرضهم إلى تهديدات نفسية واجتماعية قد تتطور مع الوقت إلى سلوكيات عدوانية أو غير اجتماعية، وهذا يُشدد على ضرورة إقرار رقابة محكمة على هذه الأنشطة الإلكترونية التي تغزو عقول أطفالنا وتستحوذ على وقتهم الثمين.
إن حتمية العودة إلى التوازن بين العالم الافتراضي والحياة الواقعية باتت ضرورية أكثر من أي وقت مضى، يجب أن نُعيد بناء الجسور بين الأطفال وواقعهم المليء بالمغامرات الحقيقية، بعيدًا عن شاشة اللعبة أو الهاتف.
لذا، حان الوقت لنقول: "لنكسر قيد الشاشة"، ولنجعل من عالمنا الحقيقي عالمًا يستهوي الأطفال أكثر من أي لعبة افتراضية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة