هيثم الحاج على

هل نجحت أساليب حروب الجيل الرابع في غزونا؟

الخميس، 27 فبراير 2025 02:14 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

منذ أيام قليلة طالعنا منشور على إحدى صفحات التواصل الاجتماعي ربما مر على معظمنا وسبب بعض الأسى ثم تجاوزناه، لكنه في الحقيقة إن صح فهو يشير إلى خطر داهم يمر به مجتمعنا ويجب أن نتيقظ له.

المنشور يتحدث عن رجل ستيني كان يسير في أحد شوارع وسط القاهرة وفجأة أصابه دوار فسارع أحد أصحاب المحلات ليجلسه واجتمع المارة وطلبوا الإسعاف التي أتت وأشار المسعف إلى وفاة الرجل، فأخذت صاحبة المنشور التليفون الخاص بالرجل لتتصل بآخر الأرقام لترد أخت المتوفى وتبلغها المتصلة بوفاة أخيها وأنها يجب أن تتسلمه فتقول الأخت إنها في بلد آخر ويجب أن تنتظر زوجها ثم تتصل برقم آخر وهو أخر المتوفي لتفاجأ بأنه يلقي محاضرة في مكان قريب من وسط البلد لكنه يقول للمتصلة إنه لا يستطيع ترك المحاضرة فتنفجر فيه المتصلة لأن الحالة وفاة وهي عذر كاف فيغلق التليفون في وجهها ثم يتصل بعد أكثر من ساعة ليسأل عن الموقف وهكذا ليظل المتوفي في الشارع عدة ساعات حتى تأتي الأخت الثالثة لتتسلم جثمانه.

أيا كان مدى دقة تفاصيل هذه الواقعة وسواء أكانت صادقة تماما أم غير ذلك فهي مؤشر مهم جدا على تغير قيمي يصيب المجتمع، وهو التغير الذي نفجأ يوميا بالعديد من مظاهره التي نمر عليها سريعا في الغالب ونتوقف عند بعضها أحيانا لنتحسر على أزمنة مضت كانت قيمة التكافل والترابط والتراحم هي الأكثر ظهورا في المجتمع، وهي القيم التي نشأت عن الإعلاء من قيمة الانتماء إلى مجموع، بما يمثل واحد من أهم جذور الثقافة المصرية خصوصا والثقافات الشرقية عموما التي تعلي من قيمة هذا الانتماء للأسرة والعائلة والجيرة والقبيلة ثم للوطن، في مقابل القيم الغربية القائمة على الخصوصيات الفردية واستقلال الفرد.


وأيا كانت الأسباب التي كسرت من تلك الروابط فإنها واحدة من أدوات ما يسميه الخبراء الآن حروب الجيل الرابع التي تستهدف تكسير قيم المجتمعات للوصول بها إلى ما يمكن تسميته بوحدة النمط العالمية ليصبح الأفراد في جميع أنحاء العالم هم مجموعة من الأنماط المتشابهة، بما يضمن إمكانية اختراق المجتمعات بسهولة وبالتالي السيطرة على مقدراتها، وهو الأمر الذي يمكن أن تكون وسائله معتمدة على وسائل التواصل الحديثة والانفتاح الرقمي، والتوغل في عقول الأفراد عن طريق المنصات الرقمية والتعليم الموحد على مستوى العالم.

ونحن في حاجة شديدة الآن إلى التوقف حيال هذه التغيرات التي تتسلل إلى مجتمعنا ومواجهتها بما يمكن أن يدافع عن تلك القيم التي طالما ميزت هذا المجتمع وحافظت على تماسكه قبل أن نفاجأ بتحول كامل مباغت لا نستطيع له ردا، وهي الأمور التي تستدعي خطة ثقافية ومجتمعية وتعليمية آنية واستراتيجية لإعادة تقييم الموقف القيمي للمجتمع المصري وبيان أهم نقاط الضعف التي يجب إصلاحها ونقاط القوة التي يجب دعمها وتطويرها، وهي مهمة ثقافية في المقام الأول، حيث الثقافة هي أساس الحضارات ونصر الدفاع الأهم عن الهوية.










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة