في فجر يومٍ ماطر، تمكَّنت أجهزة الأمن من دحر أحد أخطر التشكيلات العصابية الإلكترونية التي اجتاحت شبكات الإنترنت، مبتكرة أسلوبًا خبيثًا في النصب والاحتيال على المواطنين عبر منصة إلكترونية تحمل اسم "FBC".
تلك المنصة التي أسسها مجموعة من المحتالين، تراوحت أعدادهم بين المحليين والأجانب، بهدف استدراج الضحايا والزعم بأنهم يقدمون لهم فرصًا استثمارية مذهلة، لكن، كما يحدث دائمًا في الأفلام البوليسية، انتهت أحلامهم المظلمة بالقبض عليهم وظهور اعترافاتهم التي هزت الرأي العام.
كشف المتهمون في اعترافاتهم عن تفاصيل مشوقة تكشف مدى تعقيد مخططهم، حيث أكدوا أن ثلاثة أفراد من جنسيات أجنبية كانوا هم من يقفون خلف هذه الشبكة الإجرامية، بعد أن قاموا بالتنسيق مع آخرين محليين لتأسيس الشركة الوهمية بالقاهرة.
تم الاتفاق على ترويج منصة "FBC" عبر وسائل التواصل الاجتماعي، في محاولة لتسويقها على أنها فرصة ذهبية لاستثمار الأموال عبر الإنترنت.
ورافق هذا الترويج تقديم عروض مغرية للمستثمرين الوهميين، ووعدهم بأرباح ضخمة وسريعة دون أي مخاطرة، لكن ما ظنه هؤلاء المحتالون "عملية سريعة للربح"، تحطَّم أمام يقظة قوات الأمن، التي لم تغفل لحظة عن رصد مثل هذه الجرائم الإلكترونية.
وبعد جهود متواصلة من التحقيق والفحص، تم الكشف عن آلاف الحسابات الوهمية، التي كانت تستخدم لتخزين الأموال المزوَّرة. وتبين أن الضحايا، الذين بلغ عددهم نحو 101 شخص، وقعوا ضحية لأساليب احتيالية في "استثمار الأموال" لم تجلب لهم سوى الخسارة، حيث وصل إجمالي الأموال المستولى عليها إلى ما يقرب من "2 مليون جنيه" دفعتهم الوهم والنصب.
وفي واحدة من أكبر عمليات المداهمة، تم ضبط 13 من أفراد العصابة، بحوزتهم أجهزة حاسوب محمول، و1135 شريحة هاتف محمول، فضلاً عن مبالغ مالية تقدر بمليون و270 ألف جنيه مصري.
كانت تلك الأموال جزءًا من حصيلة عمليات الاحتيال المتواصلة التي استمرت لعدة أسابيع، والتي كانت تسرق الأمل من قلب الضحايا قبل أن تنكشف الحقيقة.
وعن الأسلوب الذي اتبعته العصابة في تنفيذ جريمتها، أوضح أحد المتهمين في اعترافاته أن "المنصة كانت تبدو في البداية كأي تطبيق إلكتروني آخر، وحرصنا على جعلها تبدو موثوقة بإعلانات مغرية ورسوم جرافيكية جذابة."
ويضيف آخر: "كان هدفنا استغلال الطموحات الكبيرة للأشخاص الذين يبحثون عن فرص استثمارية سريعة، ووعدناهم بمبالغ ضخمة بينما كنا نختلس أموالهم بأبسط الحيل."
وقد أكد خبراء أمنيون على ضرورة توخي الحذر والحيطة من مثل هذه التطبيقات المجهولة التي تروج لفرص استثمارية وهمية عبر الإنترنت، محذرين من التسرع في اتخاذ قرارات مالية دون التأكد من مصداقية المصادر التي تروج لها.
وأشاروا إلى أن مثل هذه الجرائم أصبحت تزداد في الآونة الأخيرة، مما يستدعي يقظة أكبر من المواطنين وتعاملًا حذرًا مع العروض المالية "الشهية" التي غالبًا ما تكون فخًا منصوبًا.
في الوقت نفسه، أشاد الكثيرون بجهود الشرطة في التصدي لهذه الظواهر الخطيرة التي قد تضر بآلاف المواطنين، مثمنين عمليات التنسيق بين أجهزة الأمن في إيقاف هذه الشبكات العابرة للحدود.
وقال اللواء دكتور علاء عبد المجيد الخبير الأمني: "إن السقوط السريع لهذه العصابة يعكس فشل أساليبهم في خداع الناس، ويثبت في النهاية أن العدالة لا تعرف الحدود، وأن الطموح في الثراء السريع غالبًا ما يكون وراء الكواليس الأكثر دموية."
وفي ظل هذه القضية، يتأكد الجميع أن اليقظة الأمنية هي الحائط المنيع الذي يحمي المجتمع من الطامعين الذين يعبثون بأحلام المواطنين ويستغلون سذاجتهم لأغراض شخصية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة