دراسة للمرصد المصرى توضح قانون تحديد الدوائر الانتخابية وعددها.. وتؤكد: يضمن توزيعا متوازنا وفق المعايير السكانية والجغرافية وتمثيلا عادلا للمواطنين فى البرلمان.. ويعكس التنوع الاجتماعى والسياسى بالمجتمع

الإثنين، 24 فبراير 2025 02:00 ص
دراسة للمرصد المصرى توضح قانون تحديد الدوائر الانتخابية وعددها.. وتؤكد: يضمن توزيعا متوازنا وفق المعايير السكانية والجغرافية وتمثيلا عادلا للمواطنين فى البرلمان.. ويعكس التنوع الاجتماعى والسياسى بالمجتمع انتخابات
كتب محمد عبد الرازق

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

رصدت دراسة حديثة للمرصد المصرى للفكرو الدراسات الإستراتيجية، عملية تقسيم الدوائر الانتخابية طبقا لقانون تقسيم الدوائر الانتخابية والذى يعد أداة أساسية لضمان تمثيل نسبى عادل بين المواطنين على مستوى مختلف الهيئات التمثيلية خاصة فى ظل اقتراب مواعيد الانتخابات المقبلة لمجلسى النواب والشيوخ.

وأشارت دراسة الباحثتين هبة زيدان وسلمى عبد المنعم أن عملية تقسيم الدوائر الانتخابية تعد من الركائز الأساسية التى تحدد مسار العملية الانتخابية وطبيعة نتائجها، حيث تسهم بشكل مباشر فى ضمان تمثيل عادل وفعّال للمجتمع فى المؤسسات التشريعية، ويعد قانون تقسيم الدوائر الانتخابية أداة أساسية لضمان تمثيل نسبى عادل بين المواطنين على مستوى مختلف الهيئات التمثيلية، سواء كانت انتخابات مجلس النواب أو مجلس الشيوخ أو غيرها.

وأكملت الدراسة أنه يترتب على هذا القانون تحديد الدوائر الانتخابية وعددها بما يضمن توزيعًا متوازنًا للمقاعد البرلمانية وفقًا للمعايير السكانية والجغرافية، ومن هنا تبرز أهمية التحديث المستمر لهذا القانون ليتواكب مع المتغيرات السكانية والسياسية فى البلاد، بما يعزز ديمقراطية النظام السياسى ويحقق العدالة فى التمثيل السياسى، وفى ظل اقتراب مواعيد الانتخابات المقبلة لمجلسى النواب والشيوخ، تزداد الحاجة الملحة لمراجعة وتعديل قانون تقسيم الدوائر الانتخابية، لضمان تمثيل دقيق وفعّال يعكس التنوع الاجتماعى والسياسى فى المجتمع.

يعد قانون تقسيم الدوائر الانتخابية أداة قانونية أساسية تهدف إلى تنظيم العملية الانتخابية بطريقة تضمن تمثيلًا عادلًا ومتوازنًا لجميع فئات المجتمع فى مؤسسات الدولة التشريعية، سواء كانت المجالس النيابية أو المحلية، ويعتمد هذا القانون على تقسيم الدولة إلى وحدات جغرافية تُسمى الدوائر الانتخابية، حيث يُنتخب عن كل دائرة عدد محدد من الممثلين، يتم تحديد هذه الدوائر بناءً على معايير متعددة تشمل: التركيبة السكانية، والموقع الجغرافى، وكذلك الخصائص الاجتماعية والاقتصادية لكل منطقة.

وتعد هذه المعايير وسيلة لتحقيق توازن دقيق بين التوزيع السكانى للمناطق ومقاعد البرلمان، مما يسهم فى تحسين تنظيم الانتخابات ويجعلها أكثر فاعلية وسلاسة، من خلال تحديد المراكز الانتخابية وعدد الناخبين فى كل دائرة مسبقًا، يعزز هذا النظام من الشفافية ويُسهم فى زيادة الثقة العامة فى النظام السياسى، مما يُحفّز المشاركة الشعبية الفعّالة. وعليه، تزداد مصداقية الانتخابات، وتعزيز المناخ الديمقراطى، وثقة المواطنين فى النظام السياسى، ما يؤدى بدوره إلى رفع مستوى المشاركة السياسية للمواطنين، بما يضمن تمثيلًا ديمقراطيًا حقيقيًا فى مؤسسات الدولة.

قوانين دولية تنظم تحديد الدوائر الانتخابية
 

واستطردت الدراسة أنه على الصعيد الدولى، يخضع تقسيم الدوائر الانتخابية لمعايير صارمة تهدف إلى ضمان الاقتراع المتساوى بين جميع المواطنين، بما يتماشى مع الالتزامات الدولية الواردة فى العهد الدولى الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، إذ ينص العهد فى مادته (25) على ضرورة تحقيق توازن عادل بين أصوات الناخبين، بحيث لا يؤثر تقسيم الدوائر سلبًا على حق المواطنين فى اختيار ممثليهم بحرية وعدالة، يعد هذا المبدأ التزامًا دوليًا بعدم التمييز أو التشويه فى تمثيل أى فئة اجتماعية أو جغرافية. ويعكس النظام الانتخابى بهذا الشكل توازنًا ديمقراطيًا من خلال ضمان أن يمثل كل صوت انتخابى وزنًا متساويًا، بما يضمن توزيع المقاعد البرلمانية بشكل عادل وديمقراطى. كما يؤكد التعليق العام رقم 25 من العهد الدولى على مبدأ “الصوت الواحد للشخص الواحد”، ويشدد على ضرورة أن تضمن الإجراءات الانتخابية تمثيلًا متساويًا لجميع المواطنين، مما يعزز احترام حقوقهم فى اختيار ممثليهم بحرية تامة دون تحيز أو تمييز.

القانون المصرى ينظم تقسيم الدوائر الانتخابية
 

وأكملت الدراسة أنه فيما يتعلق بالقانون المحلى المصرى، ينظم تقسيم الدوائر الانتخابية وفقًا للمبادئ الدستورية والتشريعية السائدة، حيث يجب أن يتماشى مع نصوص الدستور الذى يحدد العملية الانتخابية،حيث ينص دستور 2014 وتعديلاته فى أبريل 2019 على آليات محددة لتحديد عدد أعضاء مجلس النواب فى المادة (102) (1)، حيث يحدد الحد الأدنى لعدد الأعضاء بـ “لا يقل عن أربعمائة وخمسين عضوًا”. كما يتناول الدستور فى مادتيه (250، 251) تنظيم مجلس الشيوخ، ويشير إلى أن أعضاء المجلس يجب ألا يقل عددهم عن 180 عضوًا، ويمنح القانون الحق فى تحديد شروط الترشح، نظام الانتخاب، وتقسيم الدوائر الانتخابية بما يضمن التمثيل العادل لجميع المناطق.

 ويضاف إلى ذلك أن الدستور يخول لرئيس الجمهورية تعيين عدد من الأعضاء فى مجلس النواب بنسبة لا تتجاوز 5%، وفقًا لما يحدده القانون،كما ينص الدستور على ضمان مشاركة المصريين المقيمين بالخارج فى الانتخابات عبر المادة (88)، والتى تلزم الدولة برعاية مصالح المصريين المقيمين بالخارج، تنظم مشاركتهم فى الانتخابات والاستفتاءات، بما يتفق والأوضاع الخاصة بهم. إضافة إلى ذلك، يضمن الدستور المساواة بين جميع المواطنين فى المشاركة السياسية، كما يتضح فى المواد (9، 11، 53.

ونظرًا لأهمية وأثر تقسيم الدوائر الانتخابية، فى تشكيل مجلس النواب، وأشخاص أعضائه وانتماءاتهم السياسية والحزبية فقد تم إقرارها فى صورة قانون وليست لوائح تنفيذية لا تتمتع بالضمانات التى تتمتع بها النصوص القانونية، لمنع العبث والإخلال بها من خلال سلطة من سلطات الدولة التنفيذية أو التشريعية، فاللوائح التنفيذية يسهل إصدارها وتعديلها بمجرد قرارات إدارية. فى المقابل، تخضع عملية إصدار القوانين لسلسلة طويلة من النقاشات والتوازنات السياسية والحزبية تضمن عدالة تقسيم الدوائر الانتخابية.

وعلى هذا، تؤسس الدول عادة مجموعة من القواعد والمعايير الخاصة بترسيم حدود الدوائر الانتخابية؛ وذلك بهدف ضمان تمثيل عادل ومتوازن لجميع فئات المجتمع فى العملية الانتخابية.

معايير تقسيم الدوائر الانتخابية
 

من أبرز هذه المعايير:

1-المساواة فى عدد السكان بين الدوائر المختلفة: حيث يتم تقسيم الدوائر بحيث تكون كل دائرة متساوية نسبيًا فى عدد السكان، لضمان أن يكون لكل صوت انتخابى وزن متساوٍ فى العملية السياسية.

2-التطابق مع الحدود الإدارية فى الدولة: بحيث يتم احترام التوزيع الإدارى للمناطق مثل المحافظات أو البلديات لتفادى تقطيع المجتمعات المحلية أو تفكيكها.

3-احترام الحدود الطبيعية والخصائص الجغرافية: يتم مراعاة العوامل الجغرافية مثل الأنهار أو السلاسل الجبلية لتقليل المشكلات الناتجة عن تقسيم المناطق التى تشترك فى ظروف بيئية أو ثقافية خاصة.

4-المساحة الجغرافية للدائرة الانتخابية: حيث يؤخذ فى الاعتبار حجم المساحة الجغرافية لكل دائرة، لتجنب إنشاء دوائر شاسعة يصعب على الناخبين التنقل فيها أو التواصل مع مرشحيهم.

5-المجتمعات ذات المصالح المشتركة: يُؤخذ فى الحسبان توزيع المجتمعات التى تشترك فى مصالح اجتماعية أو اقتصادية بهدف الحفاظ على وحدة هذه المجتمعات ضمن الدائرة الانتخابية.

ومن بين هذه المعايير، تبرز المساواة فى عدد السكان كأكثر القواعد قبولًا على نطاق واسع، إذ تُعد مبدأ أساسيًا من مبادئ الديمقراطية، يتم تطبيق هذا المبدأ فى الدول التى تعتمد على التعداد السكانى كأساس لتقسيم الدوائر الانتخابية، حيث يضمن تمثيلًا متساويًا للسكان ويعزز العدالة الانتخابية. ويترجم هذا المبدأ إلى تقسيم الدوائر بشكل يضمن أن تكون كل دائرة انتخابية متساوية نسبيًا فى عدد السكان، مما يعكس رغبة فى توزيع السلطة بشكل عادل

على سبيل المثال، إذا كانت إحدى الدوائر تحتوى على ضعف عدد الناخبين مقارنة بدائرة أخرى، فإن الناخبين فى الدائرة الأكبر سيحظون بنصف التأثير مقارنة بنظرائهم فى الدائرة الأصغر، مما يخلق تفاوتًا فى وزن الأصوات.

فى حالات معينة، قد يؤدى تقسيم الدوائر بطريقة غير متوازنة إلى تفاوت كبير فى عدد السكان بين دوائر مختلفة، مما يخلّ بعدالة التمثيل ويحد من قدرة المواطنين على التأثير بشكل متساوٍ فى نتائج الانتخابات. وقد يؤدى هذا أيضًا إلى ضعف التنافسية السياسية، حيث تزداد فرص الأحزاب الكبيرة أو الشخصيات السياسية المسيطرة على دوائر محددة فى البقاء فى السلطة، مما يقيد فرص الأحزاب الصغيرة أو المستقلين فى المنافسة. لذا، يعد التقسيم العادل للدوائر الانتخابية أمرًا ضروريًا لضمان نزاهة الانتخابات، وتعزيز التنافسية بين المرشحين، وتقليل تأثير الهيمنة السياسية على نتائج الانتخابات.

 كما أن توزيع الدوائر بشكل عادل يُسهم فى تعزيز العدالة الاجتماعية والتنموية، حيث يسعى الممثلون المنتخبون إلى تحقيق مصالح دوائرهم من خلال تبنى سياسات تخدم احتياجاتهم، وبالتالى يؤثر هذا التوزيع على أولويات التنمية فى المناطق المختلفة ويسهم فى معالجة الفجوات الاجتماعية والاقتصادية بين المناطق المختلفة.

 

تاريخ قوانين تنظيم الانتخابات فى مصر
 

تُعد القوانين المنظمة للانتخابات جزءًا لا يتجزأ من الإطار القانونى والدستورى الذى يحدد كيفية اختيار ممثلى الشعب فى السلطة التشريعية. إلا أن لهذه القوانين مزاياها وعيوبها، وتظل الحاجة قائمة لتقييمها وتحديثها بما يتماشى مع تطورات الحياة السياسية والاجتماعية. ورغم اتسام القانون بالمرونة وإتاحة إعادة النظر فى التقسيمات مع التغيرات السكانية والجغرافية، لتحقيق التوازن فى تمثيل المناطق الريفية والحضرية والناشئة، فإن المعايير التى يتم الاستناد إليها لتقسيم الدوائر الانتخابية غير واضحة.

فمنذ نشأة الحياة النيابية لأول مرة فى عام 1866، شهدت مصر عدة تغييرات فى قوانين تقسيم الدوائر الانتخابية على مر السنوات، حيث تم تعديلها بناءً على التغيرات الديموجرافية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، لكل مرحلة تاريخية بمصر. وفى أعقاب ثورة يناير 2011 شهدت الواقع السياسى المصرى بعض التحولات الجوهرية بنظم وعدد المقاعد البرلمانية؛ فقد شهدت هذه الفترة إعادة النظر فى قوانين الانتخابات وتقسيم الدوائر بما يتماشى مع متطلبات المرحلة الانتقالية.

وفى نهاية نوفمبر 2011 وحتى يناير 2012، أجريت أول انتخابات برلمانية على 3 مراحل لاختيار 498 عضوًا فى مجلس الشعب. فى حين كانت تجرى الانتخابات منذ التسعينات وحتى قبيل اندلاع الثورة للتنافس على 444 من أصل 454 مقعدًا بمجلس الشعب فى جولتين بحيث يمثل كل دائرة مقعدان فقط ويُعين رئيس الجمهورية 10 نواب. لكن فى انتخابات 2011 تم توسيع الدوائر الانتخابية وتعديل النظام بطريقة تهدف لتمثيل أكثر عدلًا للأحزاب والحركات الجديدة التى تشكلت فى أعقاب الثورة، وأظهرت تشكيلات مجلسى الشعب والشورى فى أعقاب هذه الانتخابات سيطرة أحزاب وتيارات الإسلام السياسى.

إلا إنه تم حل مجلس الشعب الذى انتخب فى نهاية 2011 بأمر من المحكمة الدستورية العليا، لتظل مصر بلا برلمان منذ يونيو 2012 وحتى مارس 2015. وأجريت الانتخابات على مرحلتين فى مارس وأبريل 2015. وبعد ثورة 30 يونيو 2013، أكد دستور 2014 ضرورة تحقيق العدالة فى تقسيم الدوائر، مما أدى إلى تعديلات قانونية جوهرية. وأبصر قانون تقسيم الدوائر الانتخابية النور فى ديسمبر 2014 بعد أشهر من النقاش والجدل، ليحدد القانون عدد أعضاء البرلمان ب 540 مقعدًا، مقسمة إلى 420 مقعدًا منها للدوائر الفردية و120 مقعدًا للقوائم المغلقة، تتضمن حصة للنساء والأقباط والشباب، كذلك يعين رئيس الجمهورية 5% من نواب المجلس بما يعادل 27 نائبًا، ليصبح عدد مقاعد مجلس نواب 2015 إجمالًا 567 مقعدًا.

عدد المقاعد المخصصة لنظامى الفردى والقوائم بمجلس الشيوخ وفقًا للقانون 141 لسنة 2020

وبموجب التعديلات الدستورية فى 2019، صدر قانون جديد لتشكيل مجلس الشيوخ فى يوليو 2020، على أن تتم عملية التصويت لاختيار نواب مجلس الشيوخ فى أغسطس 2020. وقد صدق الرئيس عبد الفتاح السيسى، فى يونيو 2020، على قانون 141 لسنة 2020 بإصدار قانون مجلس الشيوخ، والذى قسم الجمهورية إلى 27 دائرة تخصص للانتخاب بالنظام الفردى، و4 دوائر تخصص للانتخاب بنظام القوائم. يتم خلالها انتخاب ثلثى أعضاء مجلس الشيوخ (200 عضو مقسمين بالتساوى بين نظامى الفردى والقوائم) بينما يعين الرئيس بقية الأعضاء والمقدر عددهم بـ 100 عضو، ليصبح إجمالى عدد الأعضاء 300 عضو.

فيما أجريت انتخابات مجلس النواب فى أكتوبر 2020، وفقًا لتعديل القانون الانتخابى رقم 174 لسنة 2020، ليتم تخصيص 50% من 568 مقعدًا يتم المنافسة عليها بنظام القوائم المغلقة، ووفقا لهذا النظام، تحصل القائمة الفائزة على جميع المقاعد المخصصة للقوائم فى كل دائرة انتخابية.

ففى أغسطس 2020، وافقت لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب على مشروع قانون تقسيم الدوائر الانتخابية لمجلس النواب، المقدم من الدكتور عبد الهادى القصبى، رئيس ائتلاف دعم مصر وأكثر من 60 نائبًا. وقسم مشروع القانون جمهورية مصر العربية إلى 143 دائرة انتخابية تخصص للانتخابات بالنظام الفردى، و4 دوائر انتخابية تخصص للانتخاب بنظام القوائم، مقارنة بـ 237 دائرة فى القانون 202 لسنة 2014. وتم التصديق على القانون 174 لسنة 2020 فى 3 سبتمبر 2020.

ليصبح عدد مقاعد البرلمان 568 مقعدًا، مقسمة إلى 284 مقعدًا منها للدوائر الفردية و284 مقعدًا للقوائم المغلقة، تتضمن حصة للنساء والأقباط والشباب، كذلك يعين رئيس الجمهورية 5% من نواب المجلس بما يعادل 28 مقعدا، ليصبح عدد مقاعد مجلس نواب 2020 إجمالًا 596 مقعدًا. وهو ما يزيد العبء المادى على موازنة الدولة من ناحية رواتب أعضاء مجلسى النواب والشيوخ، حيث ينص قانون 140 لسنة 2020 فى المادة 34 على أن يتقاضى عضو مجلس النواب مكافأة شهرية مقدارها خمسة آلاف جنيه تستحق من تاريخ أدائه اليمين، ولا يجوز أن يزيد مجموع ما يتقاضاه العضو من المجلس تحت أى مسمى على أربعة أمثال المبلغ المذكور. وهو المبلغ المرشح للزيادة مع تصاعد نداءات بضرورة تفرغ النواب للعمل البرلمانى، خاصة مع ظهور مطالبات بجلسات الحوار الوطنى بضرورة بزيادة رواتب النواب.

وبإمعان النظر فى التعديلات التى جرت على قانون تقسيم الدوائر الانتخابية وبالتالى أعداد النواب –وهنا سنهتم بالحديث عن أعداد النواب المنتخبين وفقًا لتقسيمات إدارية محددة- نجد انخفاض عدد الدوائر الانتخابية من 205 دوائر إلى 143 دائرة بانخفاض 62 دائرة (30.2%)، الأمر الذى يحمل بعض الإيجابيات كتبسيط العملية التنظيمية واللوجستية لإجراء الانتخابات، وخفض التكاليف المرتبطة بها، كذلك قد يسهم اتساع الدوائر الانتخابية فى تشكيل تحالفات انتخابية مما يعزز العمل السياسى الجماعى، ويزيد من حدة المنافسة، وهو ما ينعكس فى اختيار المرشحين الأكثر كفاءة، القادرين على مراعاة مصالح أكثر تنوعًا. فى المقابل، قد يؤدى تقليل عدد الدوائر الانتخابية إلى زيادة صعوبة الوصول إلى النواب والتواصل معهم، فيتوجب على النائب تمثيل عدد أكبر من السكان، مما قد يصعب عليه متابعة قضايا جميع الناخبين بشكل فعال، وتهميش الفئات الضعيفة، كذلك قد يؤدى إلى إعادة ترسيم حدود الدوائر وتفاوت عدد الناخبين داخل الدوائر المختلفة وبعضها، وهو ما يتطلب دراسة رصينة للتحديد الأمثل للدوائر الانتخابية.

كذلك انخفضت أعداد المقاعد المخصصة للنظام الفردى من 420 مقعدًا إلى 284 مقعدًا بانخفاض 136 مقعدًا (32.4%). خفض عدد المقاعد الفردية قد يعزز من قوة الأحزاب السياسية، وتحسين البرامج الانتخابية، ويحد من تأثير المال السياسى والنفوذ العائلى فى الانتخابات. لكن فى المقابل، قد يؤدى إلى تراجع التمثيل المحلى والجغرافى وتقييد حرية الناخبين فى اختيار مرشحين مستقلين. كذلك قد يشعر ذلك المواطن بالإحباط وبالتالى انخفاض نسبة المشاركة فى الانتخابات.

على الجانب الآخر، زادت نسبة التمثيل بنظام القوائم من 120 مقعدًا إلى 284 مقعدًا بزيادة 164 مقعدًا (136%)، وهو ما يسهم فى تعزيز التعددية الحزبية، وتحسين جودة التمثيل النيابى، ويضمن شمولية أكبر للفئات المهمشة، مثل المرأة، الشباب، وذوى الاحتياجات الخاصة. لكن فى المقابل، قد يؤدى إلى تقييد حرية الناخبين، وضعف التمثيل المحلى، وزيادة الاستقطاب السياسى، لا سيما التخوف من أن يكون النواب الذين يُنتخبون عبر القوائم أقل تواصلًا مع ناخبيهم مقارنة بالنواب المنتخبين بنظام الفردى الذين يعتمدون على علاقات مباشرة مع المجتمع.

وبوجه عام، ارتفع عدد النواب من 540 نائبًا منتخبًا فى 2015 إلى 568 نائبًا منتخبًا فى عام 2020 بزيادة 28 نائبًا بنسبة (5.2%)، وهو أمر يقابل دائمًا بالانتقاد باعتبار أن زيادة أعداد النواب قد تؤدى إلى: زيادة التكلفة المالية، وتعقيد العمل البرلمانى، وخطر انخفاض جودة النواب، مع احتمالية زيادة الاستقطاب السياسى نتيجة تعدد الآراء وصعوبة التوافق. ذلك بالرغم من مزاياها المتمثلة في: تحسين جودة التمثيل الشعبى، وتعزيز شمولية البرلمان خاصة للفئات والمناطق المهمشة، وتخفيف العبء عن النواب، وتقوية العلاقة بين النائب ودائرته.










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة