منى فهمى

الحب والرحمة فى حياة المريض النفسى

الأربعاء، 19 فبراير 2025 05:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

عرضت مؤخراً إحدى القنوات فيلم Love & Mercy «الحب والرحمة»، فى إطار الاحتفال بعيد الحب، وهو فيلم درامى موسيقى، تم إنتاجه عام 2014 عن السيرة الذاتية للمطرب والملحن والموسيقار براين ويلسون، الذى يبلغ من العمر حالياً 82 عاماً.. وأخذ الفيلم إسمه من أغنية لبراين تم إصدارها فى عام 1988..

يستعرض الفيلم فترتين فى حياة ويلسون، الأولى عن نجاحه الفنى الكبير فى بداياته خلال الستينيات مع فرقة "ذا بيتش بويز"، إلى الانهيار العصبى الذى أصابه بسبب متابعة وملاحقة الإعلام لحياته الشخصية، إلى عودته وظهوره إلى الساحة الفنية خلال الثمانينات بوصفه من المطربين المشهود لهم بالكفاءة والموهبة الفائقة..

أرى أن زوجة ويلسون الثانية «ميليندا ليدبيتر» البطلة الرئيسية فى قصة حياته، حيث أنه عانى لسنوات من مشاكل الصحة العقلية، مثل الاكتئاب واضطراب الفصام العاطفى، والهلوسة السمعية، لكن زوجته أنقذته من سيطرة طبيبه النفسى الدكتور «يوچين لاندى»..

دور حبيبته التى تزوجها فيما بعد دور بطولى، لأنها تمكّنت من إقناعه لترك طبيبه المؤذى، والحصول على حقوقه بالقانون مقابل الأضرار التى لحقت به..

المطرب العالمى «براين ويلسون» فضّل العيش فترات طويلة فى عُزلة، ثم خضع للعلاج تحت إشراف الطبيب «يوچين لاندى»، عاش صراع أثناء فترة العلاج، حيث استغله طبيبه واستغل مرضه للسيطرة على حياته، كان يجبره على تناول كثير من الأدوية التى أدت لتدهور حالته الصحية..

من أهم المشاهد فى فيلم «الحب والرحمة»، بعد أن قضى براين وقت لطيف مع حبيبته، سَمَعَ هلاوس، وقال لحبيبته إرحلى الآن، لكن لا تهجرينى، يوجد خطر لو استمر وجودك معى هنا، حبيبته التى أصبحت زوجته فيما بعد، تيَقّنَت من وجود مشكلة حقيقية، وقررت أن تساهم فى رحلة علاجه بكل محبة وشجاعة وإخلاص.. هنا يُوضّح الفيلم معاناة المريض المصاب بإضطراب الفصام العاطفى، وأهمية وجود شخص يؤمن أنك ستُشفى، وأنك لست حالة ميؤوس منها..

مشهد آخر، نرى المطرب العالمى «براين ويلسون» جالساً على الأرض فى استوديو تسجيل أغانى.. كان منهكاً يائساً، عِند وصول حبيبته، أكد اشتياقه لها، قالت إنه ليس في حاجة لكل هذه الأدوية، وأنها ستأخذه لمصحة موثوق فيها لتلقى العلاج المناسب، لكنه فضّل البقاء مع طبيبه الخائن رغم الأضرار المتسبب فيها، لأن المريض النفسى دائماً يخاف من التغيير وأى جديد.. هنا نرى معاناة المريض النفسى فى عدم قدرته على تحديد من يساعده ومن يؤذيه..

يؤكد الفيلم أن المريض يعانى من هلاوس تدمر حياته، لكنها ليست حالة ميؤوس منها، الحل فى التوجه لطبيب أمين، والعلاج الدوائى، وجلسات العلاج النفسى، والدعم من الأسرة والمقربين المخلصين، حتى يصبح المريض قادراً على مواصلة حياته بشكل طبيعى..

ينتهى الفيلم نهاية سعيدة، حيث نرى بطل الفيلم المطرب العالمى «براين ويلسون» انتصر على المرض النفسى، حل مشاكله، وعاد للغناء وسط جمهوره الذى يحبه ويستمتع بقضاء الوقت معه بالموسيقى المتميزة والأغانى المنتقاه بعناية..

يؤكد الفيلم أن الحب الحقيقى يحتاج إلى الصبر والاهتمام والتضحية والشعور بالمسئولية والاجتهاد، وانتشال الحبيب باستمرار من حُفرُه المظلمة التى يسقط بها، بسبب خلل فى المخ، حيث أن المرض النفسى مثل أى مرض آخر يفرض نفسه، مرض لعين لأنه يتسبب في فقدان المريض لأصدقائه والمقربين، لعدم قدرتهم على تحمّل هذا الضغط النفسى والعصبى..

يُوضّح الفيلم أن الحبيبة قادرة على المساعدة في رحلة العلاج، حيث اختارت زوجة ويلسون الثانية «ميليندا ليدبيتر» حياة صعبة مع مريض نفسى للعبور به ومعه إلى بر الأمان، وتحمّلت زوجته مسئولية الحفاظ عليه، وحمايته من أى أضرار أو مخاطر جديدة..

زوجة ويلسون «ميليندا» تجسيد واضح للتضحية والصبر وعدم التخلى عن الحبيب حتى فى أسوأ الظروف.. لاحظت الحبيبة منذ البداية أن الطبيب بلا أخلاق وانتهازى، وأدركت ضرورة التخلص منه، من خلال إبعاد حبيبها عن هذا الطبيب وعلاجه الذى يؤذى ويلسون ويزيد حالته سوءاً..

أدعو الله أن يرزقنا دائماً من يخاف علينا، ويخاف من خسارتنا، ويساعدنا للخروج من حُفرنا المظلمة، وإنقاذنا من المخاطر، وإقناعنا دائماً بعدم الاستسلام لليأس، أثق فى عطف وحُب الله لنا ورحمته، وأنه لن يخذلنا، ولن يتخلى عنا مهما حدث، لأنه أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين.










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة