من المعلوم أن " رأس المال جبان"، أى أن أصحاب رؤوس الأموال، دائما يحسبون حجم المخاطر والتداعيات على أموالهم ، فلو افترضنا مثلا أن هناك رجل أعمال لديه من الأموال ما يمكنه من القيام بمشروع ما، فهو يحسب نسب المخاطر، والخسارة، وأيضا فكرة المغامرة، بل والمغامرة بالمقامرة، وكلها أسس تعتمد على العلم فكلما زادت نسبة امتلاك الأموال، مع هامش من شخصية المسئول عن الأموال، فهناك أسباب يعتمد عليها صاحب رأس المال، وهناك نتائج يتوقعها، فإذا زادت مع الأموال استلزم لرجل الأعمال وسائل حماية مقارنة بما لديه، بل وسائل تأمين يشعر بها ومن خلالها أن أمواله فى أمان، وبالتالى تكتمل المنظومة ظاهريا، بين امتلاك المال، وامتلاك الحماية، وفى حالة الرئيس الأمريكى تتفق تلك المنظومة، ويزيد عليها امتلاكه لوسائل " النهب" و " الشفط" أيضا، فهو رجل أعمال، ورجل عقارات، أي بالمعنى الشعبى "سمسمار"، ومع تلك المهنة لديه قوة عظمى تحمى رغباته.
إذا نحن أمام هذا "الكيان" الذى يمتلك القوة والمال، يبقى السؤال هل يمكن اختراق عقل ترامب؟!، أو هل يمكن مزاحمة تكوينه الشخصى على الأقل؟!، والاجابة "بكل تأكيد نعم"، فعقلية ترامب مرتبة فى أولوياتها، فوضوية فى استدعاءاتها، وتلك الأولويات تبدأ بكلمة الصفقة والأموال، وتنتهى بفكرة "السلام بالقوة"، و "يجب أن يفعلوا ذلك"، إذا نحن أمام مكون عقاري فى شكل رئيس دولة عظمى، ولو سألنا رجل الشارع البسيط كيف يمكنك أن تعطل سمسار، سيقول لك " شوشر على بضاعته"، والشوشرة فى السمسمرة، هى اللغة الشعبوية فى السياسة، أي أن الخطاب السياسى " الصارم والحازم"، هي الوسيلة التى يمكنها أن تزاحم عقلية ترامب، لأنه سيفكر بتلقائية من منطلق "صفقتى هتبوظ"، حتى لو كان يمتلك القوة للدفاع عنها، لأن صفقة مع شوشرة، ليست بسعر صفقة بدونها.
من بين الوسائل التي يمكن الارتكان اليها في عملية الاختراق، هي السوشيال ميديا، فرجل مثل ايلون ماسك، صار شخصية لدى ترامب بما لديه من تأثير على السوشيال ميديا، أكثر من استثماراته الأخرى، والإعلام الأمريكي اكتشف ذلك، ويعمل على فرز العلاقة بينهما، وبالتالي الأرضية خصبة للغاية في استهداف تلك المساحة، ولذلك وسائل كثيرة، والبسيط منها أكثر، وقد يقول القائل " الموضوع مش سهل كدة"، لكن الحقيقة أن العقل الغربى في عمومه صعب الاستعطاف، لكن سهل في صناعة مناخ يؤثر عليه، وترامب مساحات التشويش عليه واضحة وموجودة، فهو يتأثر بالصحافة والإعلام والسوشيال ميديا، فهو صانع تلفزيون الواقع، وبالتالي فكرة تسليط ضوء الكاميرة عليه موجودة، ويمكن العمل عليها بخطط منظمة، ثم هناك شخصيات حوله تؤثر فيه ومنها ماسك، وبالتالى يجب جذب من حوله لنطاقات تشويش أكبر و أضخم، وهناك أطراف دولية واقليمية يمكنها القيام بذلك.
اختراق عقل ترامب وخططه لن يكون بالوسائل التقليدية، لكن من المؤكد أن أمريكا تلك الدولة العظمى، يمكن تشويشها بأدوات التكنولوجيا، ومنها الذكاء الاصطناعي، عبر التأثير على قيادتها الحالية، وكل من اختارهم في مواقع مسئولية، وسيحدث ذلك بمشاركتنا فيه أو لم نشارك.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة