قبل إتمام شهر على وصوله إلى البيت الأبيض، سعى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى إنهاء الحرب فى أوكرانيا وسط قلق أوروبي من السعي لإرضاء روسيا على حساب كييف.
وأكدت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية تامى بروس، أن المباحثات المقرر عقدها اليوم الثلاثاء، بين مسئولين أمريكيين وروس فى العاصمة السعودية الرياض تهدف إلى تحديد السبل الممكنة لإنهاء الحرب الروسية فى أوكرانيا.
وقالت بروس: "إن الاجتماع الذي سيضم وزير الخارجية ماركو روبيو ومستشار الأمن القومي مايك والتز والمبعوث الأمريكي الخاص بالشرق الأوسط ستيفن ويتكوف، هو خطوة لتحديد ما إذا كان الروس جادين بشأن المحادثات المتعلقة بالسلام".
كان مبعوث إدارة ترامب لروسيا وأوكرانيا، كيث كيلوج قد أكد، السبت الماضي، أنه يتعين على موسكو تقديم تنازلات لإنهاء الحرب في أوكرانيا، مشيرا إلى أن الأوروبيين لن يجلسوا على طاولة المفاوضات عندما يحاولون التوصل إلى حل للحرب في أوكرانيا.
وقالت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية إن المحادثات في العاصمة السعودية الرياض تعد أول جهد رفيع المستوى للتوسط في إنهاء الحرب فى أوكرانيا منذ مراحله الأولى قبل ثلاث سنوات تقريبًا عندما انهارت المفاوضات.
ولكن هذه المرة، يبدو أن الولايات المتحدة قدمت على ما يبدو تنازلات كبيرة لبوتين قبل أن تبدأ المفاوضات - من خلال رفض تطلعات أوكرانيا للانضمام إلى الناتو واستعادة السيطرة على الأراضي التي تحتلها روسيا في الوقت الحالي.
وقال أندريه كوزيريف، وزير الخارجية الروسي السابق، إن هذه التنازلات من المرجح أن تشجع بوتين، الذي لم يبد أي مؤشر على تقديم تنازلات بشأن أهدافه المتمثلة في دحر توسع الناتو وتحويل أوكرانيا إلى دولة فاشلة.
وقال كوزيريف: "بالنسبة لبوتين، فإن الحرب الباردة وأهدافها لم تنتهِ أبدًا: تخريب الناتو، وتقسيم الولايات المتحدة وأوروبا، وإخضاع شرق أوروبا. بما أنه يحصل على مكافآت إقليمية واستراتيجية حتى قبل المحادثات، فإنه يتشجع على مناقشة المزيد من التنازلات التي يمكن أن يحصل عليها، مما يعزز شعار الكرملين القديم عن الغرب الديمقراطي الضعيف."
وأدى التحول الحاسم في الزخم الروسي، إلى جانب حرص ترامب على إنهاء الحرب بسرعة، إلى تشكيك المسئولين الغربيين فيما إذا كان الكرملين مهتمًا حقًا بأي اتفاق أقل من استسلام أوكرانيا واعتراف الغرب بمجال نفوذها.
وقال مسئول أمريكي كبير سابق: "إذا كان الاتفاق يتضمن منح أوكرانيا مرونة غير محدودة لتسليح نفسها ومواصلة التعاون الوثيق مع الغرب، فإن بوتين سيكون أكثر ترددًا في الموافقة على شيء من هذا القبيل."
ومن ناحية أخرى، اجتمع القادة الأوربيون فى باريس فى قمة أزمة أوروبية لبحث كيفية الاستجابة لموقف ترامب من أوكرانيا وسط قلق من تهميشهم فى اتفاق إنهاء الحرب بما يضر بمصالح أوكرانيا.
وسلط مقال نشرته صحيفة "الجارديان" البريطانية، الضوء على رفض الرئيس الأوكراني فلودومير زيلينسكي لمقترح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالتوصل لوقف إطلاق نار لإنهاء الحرب بين القوات الروسية والأوكرانية، من أجل تحقيق "مكسب سريع".
وأشار كاتب المقال وارين موراي إلى تأكيد الرئيس الأوكراني- في تصريحات صحفية- أنه لن يوقع على اتفاق لوقف إطلاق النار فقط من أجل إرضاء أي طرف.
وأوضح المقال، أن موقف الرئيس الأوكراني يأتي في وقت تطالب فيه الدول الأوروبية بإلحاح بإرسال قوات إلى أوكرانيا، من أجل تعزيز فرص إحلال السلام هناك.
وأعرب الرئيس الأوكراني، عن اعتقاده أن الولايات المتحدة، تسعى من خلال موقفها هذا، إلى إرضاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وتحقيق مكسب سريع من خلال الدفع بجهود التوصل لوقف إطلاق النار، مشيرا إلى أن واشنطن تردد في الوقت الحالي ما يروق للرئيس الروسي لأنها تسعى لكسب رضائه.
ولفت زيلينسكي إلى أن الولايات المتحدة تسعى لعقد لقاء في القريب العاجل مع بوتين والتوصل لاتفاق إطلاق نار في أسرع وقت ممكن، ولكن وقف إطلاق النار فقط لا يعتبر نصرا "طالما أن مصير ومستقبل الشعب الأوكراني مازال في خطر".
وأكد زيلينسكي أن الموقف الأوروبي سوف يظل ضعيفا إذا استمرت الدول الأوروبية في الاعتماد على الدعم الأمريكي لتعزيز أمنها، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن بلاده مازالت بحاجة إلى المساعدات الأمريكية من أجل تحقيق النصر على روسيا.
وأشار المقال إلى تأكيد زيلينسكي للرئيس ترامب ضرورة إرسال قوات أمريكية لبلاده لحماية أي اتفاق سلام في المستقبل، موضحا أن وزير الدفاع الأمريكي بيت هيجسيث رفض بشكل قاطع فكرة إرسال قوات أمريكية لأوكرانيا خلال اجتماع للدول الداعمة لأوكرانيا في بروكسل، الأسبوع الماضي.
ولفت المقال إلى أن نبرة الرئيس الأوكراني زادت حدتها في الآونة الأخيرة في أعقاب الإعلان عن شروع الولايات المتحدة وروسيا في مباحثات بشأن إنهاء الحرب في أوكرانيا بدون مشاركة الدول الأوروبية وأوكرانيا.
وأشار زيلينسكي في هذا السياق إلى أن بلاده ليس لديها أي فكرة عن المباحثات الأمريكية- الروسية بشأن بلاده، وبالتالي لن تعترف كييف بأي اتفاق قد يصدر عن تلك المباحثات.
ولفت المقال- في الختام- إلى تصريحات المبعوث الأمريكي الخاص لأوكرانيا كيث كيلوج التي أكد فيها أن الولايات المتحدة لا تسعى لفرض اتفاق وقف إطلاق نار سريع على رئيس منتخب لدولة ذات سيادة، في إشارة إلى الرئيس الأوكراني.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة