على مر السنين ظلّ "خط الصعيد" حديث المجالس ورعبًا يطارد أهالي الأرض الطيبة في صعيد مصر، هذا الخط الذي مثّل على مدار عقودٍ صورًا قاتمة من الجريمة والدماء، تزعمه مجرمون لا يعترفون بالحدود ولا بالقانون يتسلحون بالأسلحة الثقيلة ويجعلون من الإجرام مهنة، لكن الغريب في الآونة الأخيرة، هو ظهور "خط الصعيد الجديد" الذي استثمر الذكاء الاصطناعي والسوشيال ميديا ليصبح ظاهرة معاصرة، لا تهدد فقط المواطنين، بل تسعى أيضًا لتزييف الحقيقة وتبييض صفحة الجرائم.
من خلال منصات التواصل الاجتماعي، بدأ أحدهم في بث مقاطع فيديو وهو يتحدث عن تاريخه الإجرامي بأسلوبٍ محاولًا تبرير أفعاله وتلميع صورته أمام الناس.
في تلك اللحظات، شعر الجميع بأن الجريمة قد تحولت إلى أداة للتلاعب بالعقول، وأن "خط الصعيد الجديد" أصبح، بطريقة ما، جزءًا من واقعنا الحديث، ولكن ما لبثت محاولاته أن باءت بالفشل، فالقانون كان له بالمرصاد.
وفي خضم تلك المحاولات الفاشلة للترويج لأسطورة جديدة من الجرائم، كانت وزارة الداخلية قد أخذت على عاتقها مهمة القضاء على هذه الفئة الإجرامية التي كانت تهدد بُعدًا من الأمن والاستقرار في منطقة ساحل سليم بأسيوط.
ففي عملية نوعية لا تُنسى، نجحت الأجهزة الأمنية في ملاحقة هؤلاء المجرمين وفرض سيطرتها على البؤرة الإجرامية، ليعود الهدوء إلى المنطقة ويعمّ الفرح والسكينة بين الأهالي.
تبدأ القصة حينما وردت معلومات مؤكدة لقطاع الأمن العام، وتأكدت تلك المعلومات من خلال التحريات التي أجرتها أجهزة البحث الجنائي في مديرية أمن أسيوط.
كان هناك تحرك لعدد من العناصر الإجرامية على رأسهم المدعو "محمد محسوب إبراهيم أحمد"، الذي أطلق على نفسه اسم "خط الصعيد الجديد"، والذي لم يكن مجرد لقب بل كان يَخبئ وراءه سلسلة من الجرائم التي هزّت الأمن في المنطقة.
هذا الشخص لم يكن سوى القائد الفعلي لأكثر من 8 عناصر شديدة الخطورة، كان يتزعمهم ويدير عملياتهم الإجرامية بكل دقة وقسوة.
ما بين ترويج المخدرات والقتل والسرقات بالإكراه، كانت تلك العصابة تزرع الرعب في قلوب الأهالي، حتى أضحى اسم "خط الصعيد" بمثابة علامة للدمار والفوضى.
بدأت التحريات تكشف عن الاختباء الدائم لعناصر هذه البؤرة في المناطق الجبلية، حيث كانوا يختبئون في أحد المباني التي بناها المجرمون في قرية العفادرة، ووفقًا للتحريات، فإن تلك المباني كانت محصنة بالكامل بخنادق ودشم، مما جعل من الصعب اقتحامها.
ومع تأكيد هذه المعلومات، كانت القوات الأمنية قد بدأت في تجهيز عملية ميدانية لتفكيك تلك الشبكة الإجرامية.
وما أن جاءت لحظة الحسم، حتى اشتعلت المواجهة، حيث بادر هؤلاء المجرمون بإطلاق النار على القوات باستخدام أسلحة ثقيلة، من بينها "آر بي جي"، وقنابل "F1"، بالإضافة إلى بنادق آلية.
لم يتوقف الأمر هنا، بل قاموا بتفجير أسطوانات غاز محاولين منع القوات من دخول المبنى. ولكن بالرغم من كل تلك المحاولات، كانت قوات الأمن قد أعدّت نفسها جيدًا للمعركة، لينتهي الأمر بمصرع المجرمين واحدًا تلو الآخر.
أسفرت هذه العملية عن ضبط كميات كبيرة من المواد المخدرة، إلى جانب ترسانة من الأسلحة النارية الثقيلة، بما في ذلك "آر بي جي" و"جرينوف" و"بنادق آلية".
كما تم ضبط 8 قنابل من نوع "F1"، وعدد كبير من الطلقات النارية المختلفة الأعيرة. ورغم أن العملية أسفرت عن إصابة أحد الضباط، إلا أن الخطر الذي كان يهدد المنطقة قد انتهى، وعادت الحياة إلى طبيعتها في ساحل سليم، بعدما ارتسمت على وجوه الأهالي ابتسامة الأمل.
أسفرت هذه العملية عن نتائج إيجابية تؤكد أن أمن الوطن لن يكون في خطر مهما حاول المجرمون استخدام وسائل التكنولوجيا الحديثة لترويج أكاذيبهم.
كانت تلك المعركة مع "خط الصعيد الجديد" تأكيدًا على أن الشرطة قادرة على مواجهة أي تحدٍ جديد، مهما كانت الأدوات التي يستخدمها الأعداء.
انفو جراف خط الصعيد
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة