أزمة قديمة متجددة تجتاح ملاعب العالم، تنهش نيرانها سمعة المنظومة الكروية، بين اتهامات الانحياز والمجاملة وغياب العدالة التحكيمية، وصولاً لانعدام الثقة بين الجماهير ومسئولي المسابقات، وبين هذا وذاك تتبادل الاتهامات التى تنال من سمعة ونزاهة المسابقة.. تفجرت أزمة الحكام في ملاعب الكرة مؤخراً وتصدرت المشهد فى العديد من دوريات العالم، ومنها الدوري المصري، خلال أسبوع واحد حتى باتت تهدد سمعة المنظومة ككل لواحدة من أمتع وسائل الترفيه فى العالم والمتنفس الحقيقي لعشاق كرة القدم.
ففي الدوري المصري، أحد أقوى المسابقات في الشرق الأوسط وأعرقها تاريخياً، تسيطر حالة من انعدام الثقة بين الأندية والحكام، انعكست تلك الأزمة على الجماهير مؤخرا فظهرت اتهامات المجاملة وغياب العدالة التحكيمية، وهو ما ظهر في بيان النادى الأهلي الأسبوع الماضى الذى طالب خلاله بتعيين خبير أجنبي لإدارة لجنة الحكام، مشددا فى بيانه على ضرورة تعيين حكم أوروبي لإدارة مباراة القمة المرتقبة خلال أيام.. بيان الأهلي سبقه بيان مشابه من الزمالك قبل أيام أيضاً حمل نفس المعنى، مطالباً أيضا بتحقيق عدالة تحكيمية وإسناد لجنة الحكام لخبير أجنبي.
وفى الدوري السعودي، أصدر نادي الهلال بيانا شديدا بعد التعادل مع الرياض، ندد خلاله بالأخطاء التحكيمية مطالباً بإسناد مبارياته لحكام من النخبة الأوروبية المعتمدين في المباريات الأوروبية الكبرى - على حد وصف البيان -.
أما الدوري الإسباني، فلم تمر واحدة من جولاته إلا ويصعد أحد الحكام المسرح، ويتصدر عناوين الصحف ومواقع التواصل الاجتماعي، تارة بأخطائه وأخري بانحيازه لأحد الأندية والتشكيك في نزاهته، وكانت الواقعة الأبرز تلك التي حدثت الأسبوع الماضى على خلفية بيان ريال مدريد الناري، والذى اتهم خلاله التحكيم الإسباني بأنه "فاسد وغير نزيه" بعد خسارة الميرنجى أمام إسبانيول في الدوري، وهو ما اعتبره البعض تحولاً تاريخياً؛ إذ يعكس بشكل رسمي وعلني شعور النادي بأن الحكام يستهدفونه بشكل متعمد، كما حمل اتهامات مباشرة للتحكيم واصفاً إياه بـ"الفاسد"، مطالباً بإجراء عملية تطهير شاملة للحكام والمسؤولين عن لجنة التحكيم، وهو ما اعتبرته رابطة الليجا إهانة لسمة المسابقة ويمثل تهديدا لباقي الأندية، وطالب بتوقيع عقوبة ضد الريال.
وفى واقعة أخرى بطلها أيضا ريال مدريد ولكن هذه المرة في مباراة أوساساونا والتي انتهت بتعادل الفريقين، رغم أن خسارة النادي الملكي كانت أكبر بكثير من نتيجة التعادل، بسبب تعرض أحد نجومه وهو جود بلينجهام للطرد المباشر، وحالة الجدل التي أثارها في وسائل الإعلام حول أسبابه، خاصة بعد تصريحات أنشيلوتي في المؤتمر الصحفي بأن حكم المباراة أساء تفسير اللغة الإنجليزية للعبارة التي أطلقها نجم الريال "تباً لك"، مؤكدا أن الحكم خوسيه مونويرا منتيرو أخطأ لأن ترجمة الجملة بالإسبانية لا يحمل إهانة، وفى النهاية خسر الريال لاعبه للإيقاف كما خسر نقطتين فى صراع الترتيب.
وفى الدوري الإنجليزي – المسابقة الأقوى في العالم وتضم أبرز الحكام المميزين في العالم – كانت الواقعة الأبرز الأسبوع الماضى في مباراة ليفربول ضد إيفرتون والتي شهدت مشادات بين اللاعبين وطرد لاعبين من الفريقين، وكذلك طرد أرني سلوت مدرب ليفربول، ومساعده، بداعي تحدثه بشكل غير لائق تجاه الحكم أنتوني تايلور، وما تللاها من أحداث مثيرة وتصرفات استفزازية من كلا الجانبين، وصولا إلى صدور بيان من رابطة الأندية بإيقاف مدرب ليفربول مباراتين وسرعان ما تم حذف البيان دون إبداء أسباب.
وعن أسباب استفحال الأزمة فهي عديدة ومتنوعة، وربما تنحصر بين الانتماءات والمجاملة، فضلا عن نفوذ بعض الأندية لدائرة صنع القرار في مختلف الدوريات، ولكن ماذا عن الحلول؟ وهل توجد حلول فعلية أم مجرد قرارات سرعان ما تختفي في غيابات الجب؟ وماذا عن دور صناع القرار – وهنا أتحدث عن فيفا ــ.
ربما تكون تلك المحاضرات والدورات العملية التي ينظمها اتحاد الكرة للحكام المصريين ويحاضر بها خبراء أجانب حلاً فعلياً لإكساب الحكام مزيداً من الخبرة، خاصة أنه يحاضر فيها خبراء دوليون أمثال ماسيمو بوساكا والمحاضر الدولي أوسكار رويز، باعتبار ذلك فرصة حقيقية لتحقيق أقصى استفادة عملية تمهيداً للتطوير الشامل لمنظومة التحكيم؟
ولكن أين الفيفا من كل ما يحدث؟؟ ولماذا اختفت القواعد التى استحدثها الاتحاد الدولي وطبقها فى بطولة كأس العالم 2022 وأشاد بنجاحها ووعد بتعميمها فى جميع المسابقات ولماذا توقفت عند مرحلة التجريب في المونديال؟؟ ولماذا لم يطبق فيفا قواعد التسلل نصف الآلى لكشف حالات التسلل والتي تجعل قرارات حكام الفار أكثر سرعة ومصداقية، والتي حققت نجاحا في مونديال قطر، وكذلك احتساب الوقت الضائع آلياً والذى تم تطبيقه فى المونديال أيضا، والأهم من كل ذلك هو تطوير استخدام تقنية الـvar والتي تثير الكثير من الجدل تصاحبها موجات الغضب، فضلاً عما تستهلكه من وقت يستفز الجمهور واللاعبين ويقتل متعة كرة القدم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة